للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أن سهيلًا أفاده أنه سمعه من شيخ أبيه، فأسقط عنه ثلاث وسائط: عمرًا، والقعقاع، وأبا صالح، كما بيّنه بقوله: (قَالَ) سفيان (فَقَالَ) سُهيل (سَمِعْتُهُ) أي هذا الحديث (مِن) الشخص (الَّذِي سَمِعَهُ مِنْهُ أَبِي) أي وهو عطاء بن يزيد (كَانَ) أي ذلك الشخص (صَدِيقًا لَهُ) أي لأبيه (بالشَّامِ) متعلّق بحال محذوف، أي حال كونه مقيمًا بالشام البلد المعروف؛ لأنه انتقل إليه من المدينة، كما أشرنا إليه في ترجمته السابقة.

(ثُمَّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ) هذا من كلام محمد بن عبّاد، أي ثم بعد أن حكى سفيان هذه القصّة (حدّثنا عَنْ سُهَيْلٍ) أي ابن أبي صالح (عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ) الليثيّ المذكور، فأسقط ثلاث وسائط، كما أسلفناه آنفًا (عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ) تقدّم في المقدّمة الخلاف في نسبته، فقال الجمهور: إنه منسوب إلى جدّ من أجداده، وهو الدار بن هانئ، وقيل: نسبة إلى دارين مكان عند البحرين، محطّ السفن، ومنهم من قال: إنه دَيريّ، نسبةً إلى دَير كان تميم فيه قبل الإسلام، وكان نصرانيًّا (أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "الدِّينُ النَّصِيحَةُ") مبتدأ وخبره، ثم الكلام يحتمل أن يكون على المبالغة، أي معظم الدين النصيحة، كما قيل في حديث: "الحجّ عرفة"، ويحتمل أن يكون على ظاهره؛ لأن كلّ عمل لم يُرِد به عاملُه الإخلاص، فليس من الدين.

و"النصيحة" في اللغة: يُطلق على الإخلاص، والصدق، والْمَشُورة، والعمل، يقال: نَصَحتُ لزيد أَنْصَحُ نُصْحًا ونَصيحةً، هذه هي اللغة الْفُصْحَى، وعليها قوله تعالى: {إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ} [هود: ٣٤]، وفي لغة يتعدّى بنفسه، فيقال: نصحته، والفاعل ناصحٌ، ونصيحٌ، والجمع نُصَحَاءُ، أفاده الفيّوميّ رحمه الله تعالى (١).

وقال ابن الأثير رحمه الله تعالى: "النصيحة": كلمةٌ يُعبّر بها عن جملة، هي إرادة الخير للمنصوح له، وليس يمكن أن يُعبّر هذا المعنى بكلمة واحدة تَجْمَعُ معناه غيرها، وأصل النصح في اللغة: الخلوص، يقال: نصحته، ونصحت له. انتهى (٢).


(١) "المصباح المنير" ٢/ ٦٠٧.
(٢) "النهاية" ٥/ ٦٢ - ٦٣.