وقوله:(فَهَدَانَا اللَّهُ لَهُ) قال الطيبيّ نقلًا عن البيضاويّ: معنى قوله: "فهدانا اللَّه له" بعد قوله: "فُرض عليهم" أن اللَّه تعالى أمر عباده، وفَرَضَ عليهم أن يجتمعوا يوم الجمعة، فَيَحْمَدوا خالقهم، ويشكروه بالعبادة، وما عيّنه لهم، بل أمرهم أن يستخرجوه بأفكارهم، ويُعيّنوه باجتهادهم، فقالت اليهود: هو يوم السبت؛ لأنه يوم فراغ، وقطع عمل، فإن اللَّه تعالى فرغ من خلق العالم، فينبغي للخلق أن يُعرِضُوا عن صنائعهم، ويتفرّغوا للعبادة، وزعمت النصارى أن المراد به يوم الأحد، فإنه يوم بَدْءِ الخلق الموجب للشكر والعبادة، فهدى اللَّه تعالى هذه الأمة، ووفّقهم الإصابة، حتى عيّنوا الجمعة، وقالوا: إن اللَّه تعالى خلق الإنسان للعبادة، وكان خلقه يوم الجمعة، فكانت العبادة فيه أولى، ولأنه تعالى أوجد في سائر الأيام ما ينتفع به الإنسان، وفي الجمعة أوجد الإنسان نفسه، والشكر على نعمة الوجود أهمّ وأحرى، ولَمّا كان مبدأ دور الإنسان، وأول أيامه يوم الجمعة، كان المتعبّد فيه باعتبار العبادة متبوعًا، والمتعبّد في اليومين اللذين بعده تابعًا. انتهى (١).
والحديث متّفقٌ عليه، وقد مضى تمام شرحه، ومسائله، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج -رَحِمَهُ اللَّهُ- المذكور أولَ الكتاب قال: