للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وإنما ضَلّت الطائفتان قبلنا؛ لتقديمهم رأيهم على ما جاءت به رسلهم وأنبياؤهم، واهتدت هذه الأمة باتباعهم ما جاءهم به رسولهم عن ربهم، من غير تغيير له ولا تبديلٍ.

وفي الحديث دليلٌ على أن الجمعة فرض من اللَّه واجب علينا، كما كان على من قبلنا، فإن اللَّه فرض عليهم تعظيم يوم الجمعة، واتخاذه عيدًا ومجمعًا لذكر اللَّه وعبادته، فبدّلوه بغيره من الأيام، وهدانا اللَّه لهُ، فدل ذَلِكَ على أنه مفروض علينا تعظيمه، واتخاذه عيدًا؛ لذكر اللَّه والاجتماع فيه لعبادته، وهذا من أدل دليلٍ على أن شهود الجمعة فرض على هذه الأمة. انتهى (١).

وقوله: (قَالَ: يَوْمُ الْجُمُعَةِ) هذا بيان لاسم الإشارة في قوله: "هذا يومهم الذي. . . إلخ"، يعني: أن المشار إليه هو يومُ الجمعة، وفي رواية النسائيّ: "يعني: يوم الجمعة"، وهي واضحة، واللَّه تعالى أعلم.

وقوله: (فَالْيَوْمَ لَنَا) يَحْتَمِل أن يكون "اليوم" مرفوعًا على الابتداء، خبره "لنا"، ويَحْتَمِل النصب على الظرفيّة، و"لنا" صفة لمبتدأ محذوف؛ أي: عيدٌ لنا كائن اليوم، واللَّه تعالى أعلم.

وقوله: (وَغَدًا لِلْيَهُودِ، وَبَعْدَ غَدٍ لِلنَّصَارَى) تقدّم أنه على حذف مضاف؛ أي: عيد اليهود كائن غدًا، وعيد النصارى كائنٌ بعد غد.

والحديث متّفقٌ عليه، وقد مضى تمام شرحه، ومسائله في حديث أول الباب، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج -رَحِمَهُ اللَّهُ- المذكور أولَ الكتاب قال:

[١٩٨١] (. . .) - (وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنبِّهٍ، أَخي وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ، قَالَ: هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ، عَنْ مُحَمَّدٍ رَسولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "نَحْنُ الْآخِرُونَ، السَّابِقُونَ يَوْمَ


(١) "فتح الباري" لابن رجب -رَحِمَهُ اللَّهُ- ٨/ ٧٢.