للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الأَحَد) أي: بدلًا من الجمعة أيضًا (فَجَاءَ اللَّهُ) -عزَّ وجلَّ- (بنَا) أي: خلقنا، وأوجدنا بعد هؤلاء (فَهَدَانَا اللَّهُ لِيَوْم الْجُمُعَة) أي: دلّنا على تعظيمه، وعبادته فيه، ووفَّقَنا لامتثال أمره، فضلًا ونعمةً، فله الحمد والثناء (فَجَعَلَ الْجُمُعَةَ، وَالسَّبْتَ، وَالأَحَدَ) هذا فيه دلالة أن أوّل الأسبوع الشرعيّ يومُ الجمعة، وقد تقدم ذلك في شرح الحديث السابق (وَكَذَلِكَ هُمْ تَبَعٌ لَنَا يَوْمَ الْقِيَامَة) أي: كما أنهم تبع في هذه الأيام المذكورة، هم تبع لهذه الأمة يوم القيامة، بحيث يكونون بعدها في الحساب، والميزان، والقضاء، ودخول الجنة، وغير ذلك مما يقع في ذلك اليوم.

(نَحْنُ الآخرُونَ) بكسر الخاء المعجمة؛ أي: المتأخرون وجودًا (منْ أَهْل الدُّنْيَا) الجار والمجرور حال من "الآخِرون"؛ أي: حال كوننا من جملة أهل الدنيا.

وقال الطيبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: قوله: "الآخِرون" اللام فيه موصولة، و"من أهل الدنيا" حال من الضمير الذي في الصلة. انتهى (١).

(وَالأَوَّلُون يَوْمَ الْقِيَامَة) أي: المتقدّمون على جميع الأمم في الفضل الذي يكون هناك، وأهمُّه الإراحة من هول الموقِف، كما بيّنه بقوله: (الْمَقْضيُّ لَهُمْ) صفة لـ "الأوّلون"، والضمير في "لهم" راجع إلى اللام؛ لأن المعنى: الآخرون الذين يُقضى لهم قبل الناس؛ ليدخلوا الجنّة قبلهم، كأنه قيل: نحن الآخرون السابقون، قاله الطيبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- (٢).

(قَبْلَ الْخَلَائِق") متعلق بـ "المقضيّ أي: الذين يُقضَى لهم قبل الناس ليدخلوا الجنّة.

وقوله: (وَفي رِوَايَةِ وَاصِلٍ: "الْمَقْضِيُّ بَيْنَهُمْ") يعني: أن شيخه أبا كُريب رواه بلفظ: "المقضيّ لهم وشيخه واصلًا رواه بلفظ: "المقضيّ بينهم"، والمعنى متقارب، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.


(١) "الكاشف" ٤/ ١٢٦٣.
(٢) "الكاشف" ٤/ ١٢٦٣.