للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

كبشًا، قال بعضهم: لو علم اللَّه حيوانًا أفضل من الكبش لفدى به إسماعيل، وورد في حديث رواه البزّار، وابن عبد البرّ عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-، عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، عن جبريل -عليه السلام- في أثناء حديث: "اعلم يا محمد أن الجذع من الضأن خير من السيد (١) من المعز، ومن البقر، والإبل، ولو علم اللَّه ذبحًا خيرًا منه لفَدَى به إبراهيم ابنَهُ"، قال ابن عبد البرّ: وهذا الحديث لا أعلم له إسنادًا غير هذا، انفرد به الحُنينيّ (٢)، وليس ممن يُحتجّ به.

ثانيها: أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- ضحّى بكبشين، فلو كان الإبل والبقر أفضل لما عدل عنهما إلى الغنم.

ثالثها: أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "خير الأضحية الكبش الأقرن". رواه أبو داود، وابن ماجه من حديث عبادة بن الصامت -رضي اللَّه عنه- بإسناد صحيح.

والجواب عن الأول من وجهين:

الأول: أنه لا يلزم من كون الكبش عظيمًا أن لا يكون غيره من الأنعام وغيرها أعظم منه.

الثاني: لو سُلّم ذلك فهذا خاصّ بذلك الكبش؛ لأنه ذُكر عن ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- أنه رَعَى في الجنة أربعين خريفًا، وأنه قرّبه ابن آدم، فتُقُبّل منه، ورُفع إلى الجنة (٣)، فلذلك قيل فيه: عظيم.

والجواب عن الثاني أنه لا يلزم من تضحيته -صلى اللَّه عليه وسلم- ترجيح الغنم؛ لأمرين:

أحدهما: أنه قد ثبت في الصحيح أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- ضحّى عن نسائه بالبقر، فلو دلّت تضحيته بالغنم على أفضليتها لدلّت تضحيته بالبقر على أفضليتها، ويتعارض الخبران.

ثانيهما: أنه ثبت في الصحيح أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- أهدى غنمًا، فلو دلت تضحيته


(١) هكذا في "التمهيد" (٢٢/ ٣٠) بلفظ: "السيّد"، والذي في "ميزان الاعتدال" (١/ ١٧٩) بلفظ: "المسنّة"، والظاهر أنه الصواب، واللَّه تعالى أعلم.
(٢) هو إسحاق بن إبراهيم الْحُنَينيّ بالحاء المهملة، مصغّرًا، أبو يعقوب المدنيّ، نزيل طَرَسوي، ضعيف من التاسعة، مات سنة (٢١٦)، قاله في "التقريب".
(٣) اللَّه أعلم بصحّته، فلم يذكر له سند حتى يُنظر فيه.