٣ - (ومنها): أن شيخه أبا كريب أحد مشايخ الأئمة الستّة بلا واسطة، وهم تسعة، وقد تقدّموا غير مرّة.
٤ - (ومنها): أنه مسلسلٌ بالكوفيين، سوى يحيى، فنيسابوريّ، وأبي هريرة، وأبي صالح، فمدنيّان.
٥ - (ومنها): أن فيه رواية تابعيّ، عن تابعيّ، وفيه أبو هريرة -رضي اللَّه عنه- رأس المكثرين من الرواية، واللَّه تعالى أعلم.
شرح الحديث:
(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) -رضي اللَّه عنه- أنه (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ) شرطيّة، كما تقدّم قريبًا (تَوَضَّأَ) قد استدلّ به الجمهور على أن غسل الجمعة سنّة، غير واجب وجوب الفرض الذي يأثم تاركه، قال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: ذَكَرَ فيه الوضوء واقتصر عليه دون الغسل، ورتَّب عليه الصحّة والثواب عليه، فدلّ على أن الوضوء كافٍ، من غير غسل، وأن الغسل ليس بواجب. انتهى (١). وقد تقدّم بيان الخلاف في هذه المسألة مع ترجيح ما ذهب إليه الجمهور من سنّيّة الغسل للجمعة بأدلّته في شرح قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "غسل الجمعة واجب على كل محتلم"، فراجعه تستفد، وباللَّه تعالى التوفيق.
(فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ) أي: أتى بمكملاته من سننه ومستحبّاته، قال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: معنى إحسان الوضوء: الإتيان به ثلاثًا ثلاثًا، ودلك الأعضاء، وإطالة الغرّة والتحجيل، وتقديم الميامن، والإتيان بسننه المشهورة. انتهى. (ثُمَّ أَتَى الْجُمُعَةَ) أي: أتى المسجد لأداء صلاة الجمعة، وقال القاري -رَحِمَهُ اللَّهُ-: أي: حضر خطبتها وصلاتها. انتهى. (فَاسْتَمَعَ، وَأَنْصَتَ) قال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: هما شيئان متمايزان، وقد يجتمعان، فالاستماع الإصغاء، والإنصات السكوت، ولهذا قال اللَّه تعالى:{وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} الآية [الأعراف: ٢٠٤].