للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(غُفِرَ لَهُ) بالبناء للمفعول جواب "من" (مَا) موصولة نائب فاعل "غُفِر"، وهي واقعة على الذنوب؛ أي: الذنوب التي (بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ) أي: السابقة، وهي سبعة أيّام؛ بناءً على أن الحساب من وقت الصلاة إلى مثله من الثانية، فبزيادة ثلاثة أيام تتم العشرة.

قال الإمام ابن حبّان -رَحِمَهُ اللَّهُ- بعد إخراجه هذا الحديث ما نصّه: قد يَتَوهّم من لم يَسْبُرْ صناعة الحديث أن الجمعة إلى الجمعة ثمانية أيّام، وليس كذلك؛ لأن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يقل غُفِر له من الجمعة إلى الجمعة، فوقتُ الجمعة زوال الشمس، فمن زوال الشمس يومَ الجمعة إلى زوال الشمس يوم الجمعة الأخرى سبعة أيّام، وقوله: "وزيادة ثلاثة أيّام" تمام العشرة، قال اللَّه جلّ وعلا: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} [الأنعام: ١٦٠]، وهذا مما نقول في كتبنا: إن المرء قد يَعْمَل طاعةً اللَّه جلّ وعلا، فيغفر اللَّه له بها ذنوبًا لم يكتسبها بعدُ. انتهى (١).

وقوله: (وَزِيَادَةُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ) تقدّم أنه يجوز فيه أوجه الأعراب الثلاثة: الرفع عطفًا على "ما"، والنصب على المفعوليّة معه، والجرّ عطفًا على "الجمعة" (وَمَنْ مَسَّ الْحَصَى) أي: لتسويتها، سواءٌ مسّها في الصلاة، أو قبلها في حال الخطبة بطريق اللعب (فَقَدْ لَغَا") قال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: أي: فقد أتى لغوًا من الفعل، أو القول، قال الهرويّ: لغا: تكلّم بما لا يجوز له، وقيل: لغا عن الصواب؛ أي: مال عنه، وقال النضر بن شُميل: خاب، ألغيته خيّبته، وقال ابن عرفة: اللغو الشيء الْمُسْقَطُ؛ أي: الملغَى، يقال: لغا يلغو، ولَغِيَ يَلْغَى. انتهى (٢).

وقال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وفيه النهيُ عن مسّ الحصا وغيره من أنواع العبث في حالة الخطبة، وفيه إشارة إلى إقبال القلب والجوارح على الخطبة، والمراد باللغو هنا الباطل المذموم المردود. انتهى (٣).


(١) "الإحسان في تقريب صحيح ابن حبّان" ٧/ ١٨ رقم (٢٧٧٩).
(٢) "المفهم" ٢/ ٤٨٧ - ٤٨٨.
(٣) "شرح النووي" ٦/ ١٤٧.