للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والْمَقِيل عند العرب: الاستراحة نصف النهار، وإن لم يكن مع ذلك نومٌ، بدليل قوله تعالى: {وَأَحْسَنُ مَقِيلًا} [الفرقان: ٢٤]، والجنّة لا نوم فيها. انتهى (١).

(وَلَا نَتَغَدَّى) أي: لا نأكل الغداء -بالمدّ-، وهو الطعام الذي يؤكل أول النهار.

[فائدة]: قال الفيّوميّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: إذا قيل: تَغَدَّ، أو تَعَشَّ، فالجواب: ما بي من تَغَدٍّ، ولا تَعَشٍّ، قال ثعلبٌ: ولا يقال: ما بي غداءٌ ولا عشاءٌ؛ لأن الغداء نفس الطعام، وإذا قيل: كُل، فالجواب: ما بي أَكْلٌ بالفتح. انتهى (٢).

وقوله: (إِلَّا بَعْدَ الْجُمُعَةِ) أي: إلا بعد أداء صلاتها، وهذا كناية عن اهتمامهم بالتبكير إلى الجمعة، يعني: أنهم في ذلك اليوم لا يتغدَّون، ولا يستريحون، ولا يشتغلون، ولا يهتمّون بأمر سوى التهيّؤ، والذهاب مبكّرين إلى المسجد.

قال في "الفتح": واستُدِلّ بهذا الحديث لأحمد على جواز صلاة الجمعة قبل الزوال، وترجم عليه ابن أبي شيبة: "بابُ من كان يقول: الجمعة أول النهار"، وأورد فيه حديث سهل -رضي اللَّه عنه- هذا، وحديث أنس -رضي اللَّه عنه-: كنّا نُبكّر إلى الجمعة، ثم نَقِيل، وعن ابن عمر مثله، وعن عمر، وعثمان، وسعد، وابن مسعود -رضي اللَّه عنهم- مثله من قولهم.

وتُعُقُّب بأنه لا دلالة فيه على أنهم كانوا يصلّون الجمعة قبل الزوال، بل فيه أنهم كانوا يتشاغلون عن الغداء والقائلة بالتهيؤ للجمعة، ثم بالصلاة، ثم ينصرفون، فيتداركون ذلك، بل ادَّعَى الزين ابن الْمُنَيِّر أنه يؤخذ منه أن الجمعة تكون بعد الزوال؛ لأن العادة في القائلة أن تكون قبل الزوال، فأَخْبَر الصحابيّ أنهم كانوا يشتغلون بالتهيؤ للجمعة عن القائلة، ويؤخرون القائلة حتى تكون بعد صلاة الجمعة. انتهى (٣).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: لا يخفى أن كثيرًا من أدلّة المجوّزين للجمعة


(١) "الكاشف عن حقائق السنن" ٤/ ١٢٨١.
(٢) "المصباح" ٢/ ٤٤٣.
(٣) "الفتح" ٣/ ٢٣٨ - ٢٣٩.