قال: وإن ثبت قول مقاتل بن حيان الذي أخرجه أبو داود في "المراسيل" أن الصلاة كانت حينئذ قبل الخطبة زال الإشكال، لكنه مع شذوذه مُعْضَلٌ.
قال: وقد استَشْكَل الأصيليّ حديث الباب، فقال: إن اللَّه تعالى قد وَصَف أصحاب محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- بأنهم لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر اللَّه.
ثم أجاب باحتمال أن يكون هذا الحديث كان قبل نزول الآية. انتهى.
وهذا الذي يتعين المصير إليه، مع أنه ليس في آية النور التصريح بنزولها في الصحابة، وعلى تقدير ذلك، فلم يكن تقدّم لهم نهي عن ذلك، فلما نزلت آية الجمعة، وفَهِمُوا منها ذمَّ ذلك اجتنبوه، فوُصِفُوا بعد ذلك بما في آية النور، واللَّه أعلم. انتهى. وهو بحث نفيسٌ، إلا قوله:"ليس في آية النور. . . إلخ"؛ لأن الصحابة إذا لم يدخلوا فيها دخولًا أوّليًّا، فمن يدخل؟، بل الكلام الأخير هو الصواب في الجواب.
وحاصله أن الصحابة -رضي اللَّه عنهم- ما كانوا يعرفون الذمّ في التفرّق قبل ذلك، فحصل منهم تساهل، فلما عرفوا ذلك تركوه، وحسُنت أحوالهم، فوُصفوا بقوله -عزَّ وجلَّ-: {رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ} الآية [النور: ٣٧]، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج -رَحِمَهُ اللَّهُ- المذكور أولَ الكتاب قال:
١ - (أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ) تقدّم في الباب الماضي.
٢ - (عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيس) بن يزيد بن عبد الرحمن الأوديّ، أبو محمد الكوفيّ، ثقةٌ فقيهٌ عابدٌ [٨](ت ١٩٢) وله بضع وسبعون سنةً (ع) تقدم في "المقدمة" ٤/ ٢٤.