للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقد رَوَى هذه الخطبة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - جماعة منهم أبو سعيد الخدريّ - رضي الله عنه -.

وقد رُوي من حديث أبي سعيد - رضي الله عنه - بلفظ آخر، خرّجه الدارقطنيّ في "الأفراد" بإسناد جيد، ولفظه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ثلاثٌ لا يُغِلّ عليهنّ قلب امرئ مسلم: النصيحة لله، ولرسوله، ولكتابه، ولعامة المسلمين".

وفي "الصحيحين" عن معقل بن يسار - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال "ما من عبد يسترعيه الله رعيةً، ثم لم يُحِطْها بنصحه، إلا لم يدخل الجنة". انتهى (١)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة): في فوائده:

١ - (منها): بيان أن الدين النصيحة، قال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح رحمه الله تعالى: هذا لفظ يفيد الحصر، فكأنه قال: ليس الدين إلا النصيحة لله، ولكتابه، وسائر ما ذُكر، أي لا يكمل الدين إلا بذلك، كما سبق بيانه في أمثال ذلك، وفيه إشعار بعظم موقع النصيحة من الدين، وهكذا مثله في أمثال ذلك. انتهى (٢).

٢ - (ومنها): أن الدين يُطلق على العمل؛ لكونه سَمَّى النصيحة دينًا.

٣ - (ومنها): جواز تأخير البيان عن وقت الخطاب، حيث أخّره هنا من قوله: "قلنا: لمن؟ ".

٤ - (ومنها): رغبة السلف في طلب علوّ الإسناد، وهو مستفاد من قصّة سفيان مع سهيل.

٥ - (ومنها): أن هذا الحديث حديث عظيم الشأن، وعليه مدار الإسلام، كما تبيّن تحقيق ذلك من خلال شرحه السابق، وقد حُكي عن أبي داود رحمه الله تعالى أن هذا الحديث أحد الأحاديث التي يدور عليها الفقه، وقال


= زيد بن ثابت - رضي الله عنه -، صححه ابن حبّان (٦٧).
ومعنى "لا يُغلّ": لا يخون، أي إن هذه الخصال الثلاث تُستصلح بها القلوب، فمن تمسّك بها طهر قلبه من الخيانة والدغَل، والشرّ.
(١) "جامع العلوم والحكم" ١/ ٢١٥ - ٢١٨.
(٢) "الصيانة" ص ٢٢٣.