للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الحافظ أبو نعيم: هذا الحديث له شأن عظيم وذكر محمد بن أسلم الطوسي أنه أحد أرباع الدين.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: قد تعقّب النوويّ رحمه الله تعالى هذا الذي حكي عن أبي داود، والطوسيّ، فقال: وأما ما قاله جماعات من العلماء أنه أحد أرباع الإسلام، أي أحد الأحاديث الأربعة التي تجمع أمور الإسلام، فليس كما قالوا، بل المدار على هذا وحده. انتهى (١)، وهو تعقّب جيّد، فمن تأمل هذا الحديث حقّ التأمّل أدرك ذلك لا محالة، والله تعالى الهادي إلى سواء السبيل.

٦ - (ومنها): أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبر في هذا الحديث أن الدين النصيحة، فهذا يدلّ على أن النصيحة تَشْمَل خصال الإسلام والإيمان والإحسان التي ذُكِرت في حديث جبريل عليه السلام وسُمِّي ذلك كلُّه دينًا، فإن النصح لله تعالى يقتضي القيام بأداء واجباته على أكمل وجوهها، وهو مقام الإحسان، فلا يَكمُل النصح لله بدون ذلك، ولا يتأتى ذلك بدون كمال المحبة الواجبة والمستحبة، ويستلزم ذلك الاجتهاد في التقرب إليه بنوافل الطاعات على هذا الوجه، وترك المحرمات والمكروهات على هذا الوجه أيضًا. وفي مراسيل الحسن رحمه الله تعالى، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "أرأيتم لو كان لأحدكم عبدان، فكان أحدهما يُطيعه إذا أمره، ويؤدّي إليه إذا ائتمنه، وينصح له إذا غاب عنه؛ وكان الآخر يَعصيه إذا أمره، ويخونه إذا ائتمنه، ويَغُشُّه إذا غاب عنه؛ كانا سواء؟ " قالوا: لا، قال: "فكذا أنتم عند الله عز وجل". خرّجه ابن أبي الدنيا، وخرّج الإمام أحمد معناه، من حديث أبي الأحوص، عن أبيه - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (٢).


(١) "شرح مسلم" ٢/ ٣٧.
(٢) حديث صحيحٌ، رواه أحمد في "المسند" ٤/ ١٣٧، والطبراني في "الكبير" ١٩/ ٦٢٢ من طريق أحمد، قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى:
حدثنا سفيان بن عيينة مرتين، قال: حدثنا أبو الزَّعْرَاء، عمرو بن عمرو، عن عمه أبي الأحوص، عن أبيه، قال: أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم -، فصَعّد فيّ النظر، وصَوّب، وقال: =