الْغَافلينَ") أي: من جملة من استولت عليهم الغفلة، ونَسُوا اللَّهَ، فنسيهم، يعني: أنه يُترقىّ بهم في الشرّ إلى هذه المرتبة.
قال الطيبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: "ثمّ" لتراخي الرتبة، فإن كونهم من جملة الغافلين المشهود عليهم بالغفلة أدعى لشَقَائهم، وأنطق بخسرانهم من مطلق كونهم مختومًا عليهم، وقيل: المراد: من الدائمين في الغفلة.
وقال القاضي البيضاويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: المعنى: أن أحد الأمرين كائن لا مَحَالةَ، إما الانتهاءُ عن ترك الجمعات، أو ختم اللَّه تعالى على قلوبهم، فإن اعتياد ترك الجمعة يُغَلِّب الرّينَ على القلب، وُيزَهِّد النفوس في الطاعة، وذلك يؤدي بهم إلى أن يكونوا من الغافلين؛ أي: عن اكتساب ما ينفعهم من الأعمال، وعن ترك ما يضرّهم منها.
والحديث من أعظم الزواجر عن ترك الجمعة، والتساهل فيها، ومن أدلّة أنها من فروض الأعيان.
وهذا كله فيمن تركها تهاونًا وتكاسلًا من غير عذر؛ لِما أخرجه أحمد، وابن ماجه، وصححه ابن خزيمة، وابن حبّان، والحاكم، عن جابر بن عبد اللَّه -رضي اللَّه عنهما- قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من ترك الجمعة ثلاثًا من غير ضرورة، طَبَعَ اللَّه على قلبه".
ولما أخرجه أصحاب "السنن" عن أبي الجعد الضمريّ -رضي اللَّه عنه- قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من ترك ثلاث جُمَعٍ؛ تهاونًا بها طَبَع اللَّه على قلبه" (١)، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث عبد اللَّه بن عمر، وأبي هريرة -رضي اللَّه عنهم- هذا من أفراد المصنّف -رَحِمَهُ اللَّهُ-.
(١) حديث صحيح، رواه أصحاب السنن، وأحمد، والدارميّ، وصححه ابن خزيمة.