للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

رَدُّ الأهواء المضلة بالكتاب والسنة، وبيان دلالتهما على ما يخالف الأهواء كلها، وكذلك رَدّ الأقوال الضعيفة من زلات العلماء، وبيان دلالة الكتاب والسنة على رَدّها، ومن ذلك بيان ما صَحّ من حديث النبي - صلى الله عليه وسلم -، وما لم يَصِحّ منه، بتبيين حال رواته، ومَن تُقْبَل رواياته منهم، ومن لا تُقبل، وبيان غلط مَن غَلِط من ثقاتهم الذين تُقبَل روايتهم.

٨ - (ومنها): أن يَنصَح لمن استشاره في أمره، كما قال - صلى الله عليه وسلم -: "إذا استنصح أحدكم أخاه فلينصح له"، وفي بعض الأحاديث: "إن من حقّ المسلم على المسلم أن ينصح له إذا غاب".

ومعنى ذلك أنه إذا ذُكِر في غَيْبَتهِ بالسوء أن ينصره ويرد عنه، وإذا رأى من يُريد أذاه في غيبته كفّه عن ذلك، فإن النصح في الغيب يدلّ على صدق الناصح، فإنه قد يُظْهِر النصح في حضوره تَمَلُّقًا، ويغشه في غيبته.

وقال الحسن: إنك لن تَبْلُغ حقَّ نصيحتك لأخيك حتى تأمره بما تَعْجِز عنه.

قال الحسن: وقال بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -: والذي نفسي بيده، إن شئتم لأُقسِمَنَّ لكم بالله إن أحب عباد الله إلى الله الذين يُحَبِّبُون الله إلى عباده، ويحببون عباد الله إلى الله، وَيسْعَون في الأرض بالنصيحة.

وقال فَرْقَدٌ السَّبَخِيّ: قرأت في بعض الكتب: المحبُّ لله عز وجل أميرٌ مؤمرٌ على الأمراء، زمرته أول الزمر يوم القيامة، ومجلسه أقرب المجالس فيما هناك، والمحبة منتهى القربة والاجتهاد، ولن يسأم المحبون من طول اجتهادهم لله عز وجل، ويحبونه، ويحبون ذكره، ويحببونه إلى خلقه، يمشون بين خلقه بالنصائح، ويخافون عليهم من أعمالهم يوم تبدو الفضائح، أولئك أولياء الله وأحباؤه وأهل صفوته، أولئك الذين لا راحة لهم دون لقائه.

وقال ابن علية في قول أبي بكر المزني: ما فاق أبو بكر - رضي الله عنه - أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - بصوم ولا صلاة، ولكن بشيء كان في قلبه، قال: الذي كان في قلبه: الحب لله عز وجل، والنصيحة في خلقه.

وقال الفضيل بن عياض رحمه الله تعالى: ما أدرك عندنا من أدرك بكثرة الصلاة والصيام، وإنما أدرك عندنا بسخاء الأنفس، وسلامة الصدور، والنصح للأمة.