وسئل ابن المبارك: أيُّ الأعمال أفضل؟ قال: النصح لله.
وقال معمر: كان يقال: أنصح الناس لك من خاف الله فيك.
وكان السلف إذا أرادوا نصيحة أحد وعظوه سِرًّا، حتى قال بعضهم: مَن وعظ أخاه فيما بينه وبينه فهي نصيحة، ومن وعظه على رؤوس الناس فإنما وَبَّخَهُ.
وقال الفضيل بن عياض رحمه الله تعالى: المؤمن يستُرُ وينصح، والفاجر يَهْتِك ويُعَيِّر.
وقال عبد العزيز بن أبي رَوّاد: كان مَن كان قبلكم إذا رأى الرجلُ من أخيه شيئًا يأمره في رفق، فيؤجر في أمره ونهيه، وإنّ أحد هؤلاء يَخرق بصاحبه، فيستغضب أخاه ويهتك ستره.
وسئل ابن عباس - رضي الله عنهما - عن أمر السلطان بالمعروف ونهيه عن المنكر، فقال: إن كنت فاعلًا ولا بدَّ، ففيما بينك وبينه.
وقال الإمام أحمد رحمه الله تعالى: ليس على المسلم نصح الذميّ، وعليه نصح المسلم، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "والنصح لكل مسلم"، و"أن تنصح لجماعة المسلمين وعامتهم"، ذكر هذا الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى (١)، وهي فوائد عظيمة، وعوائد جسيمة، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج، المذكور أولَ الكتاب قال:
[٢٠٥]( … ) - (حَدَّثَني مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ، حَدَّثنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثنَا سُفْيَانُ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيَدَ اللَّيْثِيّ، عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيّ، عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِمِثْلِهِ).
رجال هذا الإسناد: ستة:
١ - (مُحَمَّدُ بن حَاتِمٍ) بن ميمون المعروف بالسمين، مروزي الأصل، نزيل بغداد، صدوق ربّما وَهِم، وكان فاضلًا [١٠](ت هـ ٢٣)(م د) تقدم في "الإيمان" ١/ ١٠٤.