وقال الفيّوميّ رحمه الله: غَوَى غيًّا، من باب ضَرَب: انهمك في الجهل، وهو خلافُ الرُّشْد، والاسم الْغَوَاية بالفتحِ. انتهى.
وفي "القاموس" و"شرحه": وغوَى الرجلُ يَغْوِي غيًّا، وغَوَايةً بالفتح، ولا يكسر، هذه هي اللغة الفصيحة المعروفة، واقتصر عليها الجوهريّ، قال أبو عبيد: وبعضهم يقول: غَوِيَ يَغْوَى، كرَضِيَ غَوًى، وليست بالمعروفة: ضلّ، وخاب، وقال الأزهريّ: أي: فسد، وقال ابن الأثير: الغيّ: الضلال، والانهماك في الباطل، وقال الراغب: الغَيّ جَهْل من اعتقاد فاسد، وذلك لأن الجهل قد يكون من كون الإنسان غير معتقد اعتقادًا، لا صالِحًا ولا فاسدًا، وهذا النحو الثانيّ، يقال له: غيّ، وأنشد الأصمعيّ للمرقّش [من الطويل]:
انتهى ما في "القاموس"، وشرحه "تاج العروس" ببعض تصرّف) (١).
(فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "بِئْسَ الْخَطِيبُ أَنتَ) الضمير المنفصل هو المخصوص بالذمّ، وهو مبتدأ، خبره جملة "بئس الخطيب"، أو هو خبر لمبتدأ محذوف وجوبًا، كما قال في "الخلاصة":
وفي رواية أحمد: "بئس الخطيب أنت قُمْ" (قُلْ: وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ") أي: بالاسم الظاهر، لا بالضمير، وقد اختُلف في سبب إنكاره -صلى الله عليه وسلم- عليه، والأرجح أنه إنما أنكر عليه؛ لأن الخطبة محلّ بسط وإيضاح، لا محلّ إشارة، وإيجاز، وسيأتي تمام البحث في هذا في المسألة الرابعة -إن شاء الله تعالى-.
وقوله:(قَالَ ابْنُ نُمَيْرٍ: فَقَدْ غَوِيَ) أي: بكسر الواو؛ يعني: أن شيخه أبا بكر رواه "فقد غَوَى" بفتح الواو، من باب ضرب، وشيخه محمد بن عبد الله بن نُمير رواه "غَوِيَ" بكسرها، من باب رَضِيَ، وقد تقدّم آنفًا أن الكسر ضعيفٌ، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.