للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسئل سعيد بن عبد العزيز: ما الكفاف من الرزق؟ قال: «شبعُ يومٍ وجوع يوم» (١).

وإذا كان ذلك كذلك فهل علمتم أن رزق آل محمدٍ صلى الله عليه وسلم كفافٌ، فقد أخرج أحمد والترمذي وابن ماجه عن ابن عباس رضي الله عنهما بسند حسن: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبيت الليالي المتتابعة طاويًا وأهله لا يجدون عشاءً، وكان أكثر خبرهم خبز الشعير» (٢).

عباد الله فإن قلتم فما الطريق إلى القناعة والرضا بما قسم الله أجبتكم بقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا نظر أحدكم إلى من فُضِّل عليه في المال والخَلْقِ، فلينظر إلى ما هو أسفل منه» (٣)، وفي رواية لمسلم: «انظروا إلى من هو أسفل منكم، ولا تنظروا إلى من هو فوقكم، فهو أجدر أن لا تزدروا نعمة الله عليكم» (٤). وإليكم نموذجًا عمليًا قال عون بن عبد الله بن عتبة: كنتُ أصحبُ الأغنياء، فما كان أحدٌ أكثر همًّا مني، كنت أرى دابةً خيرًا من دابتي، وثوبًا خيرًا من ثوبي، فلما سمعتُ هذا الحديث صحبتُ الفقراء فاسترحت» كذا جاء في رواية عن رزين (٥).

أيها المسلمون .. هذه المفاهيمُ الشرعية وأمثالها ينبغي أن يتذكرها المسلمون دائمًا وأبدًا وهم يطلبون الرزق، فتريحهم من العناء، وتصلهم بالأخرى وحين تختل هذه المفاهيم، وتُنسى هذه القيمُ، يُصاب الناسُ بأدواء الدنيا المهلكة، فتسود المنافسة والشحناءُ، ويسري الحسدُ والبغضاء، وتتحقق خشية


(١) شرح السنة للبغوي ١٤/ ٢٤٥.
(٢) رياض الصالحين ١٩٤، صحيح الجامع الصغير ٤/ ٢٥٤.
(٣) أخرجه البخاري.
(٤) جامع الأصول ١٠/ ١٤٢، ١٤٣.
(٥) جامع الأصول ١٠/ ١٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>