للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المحبة المشروعة (١)

[الخطبة الأولى]

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهدِه الله فلا مُضِلَّ له، ومن يُضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، اللهم صلِّ وسلم عليه وعلى سائر الأنبياء والمرسلين، وعلى آله المؤمنين، وارضَ اللهم عن أصحابه أجمعين والتابعين ومن تبعهم وسار على نهجهم إلى يوم الدين.

أما بعد: فاتقوا الله معاشر المسلمين، فإن تقوى الله أقومُ وأقوى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} (٢).

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (٧٠) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} (٣).

أيها المسلمون: بالمحبة والإخاء تصفو الحياةُ، ويسعد الأحياء، وتغيبُ الإحنُ، وتتوارى الأثرةُ والبغضاء، وليست هناك دواعٍ معقولة تحمل الناس على أن يعيشوا أشتاتًا متناكرين، ووحوشًا متنافرين، بل إن الدواعي القائمة على الحقّ والعاطفةِ السليمةِ تعطفُ البشرَ بعضهم على بعض، وتُهيِّئُ لهم مجتمعًا متكافلًا تسوده المحبةُ، ويمتد به الأمانُ على ظهر الأرض.

أجل: لقد ردَّ الله أنسابَ الناسِ وأجناسَهم إلى أبوين اثنين ليجعل من هذه


(١) ألقيت هذه الخطبة يوم الجمعة الموافق ٢٥/ ٧/ ١٤١٧ هـ.
(٢) سورة النساء، الآية: ١.
(٣) سورة الأحزاب، الآيتان: ٧٠، ٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>