إنَّ الحمدَ للهِ نحمدُه ونستعينُه ونستغفرُه، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسِنا ومن سيئاتِ أعمالِنا، مَن يهدِه اللهُ فلا مضلَّ له ومن يُضلِلْ فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسوله، اللهمَّ صلِّ وسلِّمْ عليه وعلى سائرِ الأنبياء والمرسلين، وارضَ اللهمَّ عن الصحابةِ أجمعين والتابعين وتابعيهم بإحسانٍ إلى يومِ الدين وسلِّمْ تسليمًا كثيرًا.
أيها المسلمون: ما حقيقةُ النصر؟ وما مفهومُ الهزيمة؟
يظنُّ بعضُ الناس أن التفوقَ في القوة، وكثرةَ القتلى والجَرْحى، وانتشارَ الدمارِ هنا وهناك، والغلبةَ على الخصمِ مؤشِّرٌ للنصر لمن حصلَ له، ومؤشِّرٌ لهزيمةِ من وقع عليه.
وكلنا حين نعودُ لنصوصِ القرآن والسنة نجدُ مفهومًا آخرَ للنصر، ومعنًى آخرَ للهزيمة.
فالثباتُ على المبدأ الحقِّ نصرٌ وإن أُهلِكَ أصحابُه في سبيله.
والموتُ على الإيمانِ بالله وحدَه نصرٌ - مهما تفنَّن القاتلون في نوعِ القتل، كيف لا وعددٌ من أنبياءِ الله قُتِلوا .. وهم بلا شكٍّ غالبون منتصرون في ميزانِ الحقّ، وفي المقابلِ تعلَّمْنا من نصوصِ الكتابِ والسُّنة أن الاستكبارَ والطغيانَ والتجرُّدَ من القِيَم والأخلاقِ العادلةِ والظُّلم والاستبدادِ هزيمةٌ ماحقةٌ وإن خُيِّلَ لأصحابها أنهم يتربَّعون على موائدِ النصر ويتسلَّوْنَ بمشاهدِ القتلى، ويتشفَّوْن
(١) ألقيت هذه الخطبة يوم الجمعة الموافق ٣/ ٨/ ١٤٢٢ هـ.