للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الخطبة الثانية]

الحمد لله رب العالمين، قال في محكم التنزيل {نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم، وأن عذابي هو العذاب الأليم} (١) وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، يضاعف الحسنات ويعفو عن الزلات، وما يزال العبد بخير ما زال يرجو رحمته ويخاف عذابه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، كان من أشد الناس خوفًا من الله، وأكثرهم رجاءً به، اللهم صل وسلم عليه وعلى سائر الأنبياء والمرسلين، وعلى آله الطيبين الطاهرين وارض اللهم عن الصحابة أجمعين وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

إخوة الإسلام حضر أحد السلف- عبد الأعلى التيمي- جارًا له قد حضره الموت فقال له: أبا فلان: ليكن جزعك لما بعد الموت أكثر من جزعك من الموت، وأعد لعظيم الأمور حسن الظن بالله عز وجل» (٢).

وهنا يرد السؤال: متى يكون الخوف أفضل، ومتى يكون الرجاء أفضل؟ قال السري بن المغلس: الخوف أفضل من الرجاء ما دام الرجل صحيحًا، فإذا نزل به الموت فالرجاء أفضل من الخوف، فقال له رجل: كيف يا أبا الحسن؟ قال: لأنه إذا كان في صحته محسنًا عظم رجاؤه عند الموت وحسن ظنه بربه، وإذا كان في صحته مسيئًا ساء ظنه عند الموت ولم يعظم رجاؤه.

قال البيهقي رحمه الله- معلقًا/ وإنما أراد به خوفًا يمنعه من معصية الله عز وجل، ويحمله على طاعته، حتى إذا حضره الموت عظم رجاؤه في رحمة ربه، وكثر عمله في إحسان الله ثقة منه بوعد الله عز وجل (٣).


(١) سورة الحجر، الآيتان: ٤٩، ٥٠.
(٢) أبو نعيم في الحلية ٥/ ٨٧، شعب البيهقي ١/ ٢٨٩.
(٣) ثلاث شعب من الجامع لشعب الإيمان البيهقي ١/ ٢٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>