للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الخطبة الثانية]

الحمد لله الخالق البارئ المصور، له الأسماء الحسنى وهو العزيز الحكيم وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى إخوانه وآله، ورضي عن أصحابه وأتباعه إلى يوم الدين.

إخوة الإيمان لا ينتهي الإعجاز الإلهي في خلق النطفة وتكوينها وتسويتها، بل تتكاثر هذه النطفة حتى ينشأ عنها الأنساب والأصهار، فهو في بداية أمره ولدٌ نسيب، ثم يتزوج فيصيُر صهرًا، ثم يصيرُ له أصهارٌ وأختانٌ وقرابات وكل ذلك من ماء مهين، ودليلٌ على قدرة رب العالمين، كما قال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا} (١).

وسرٌّ آخر أن هذه النطفة التي لا تكاد ترى بالعين المجردة حين استقرارها في الرحم تحمل معها مواصفات وموروثات الجنين بعد.

أما السرُّ الثالث فهو أن هذا الجنين يعيش ويتشكل في ظلمات ثلاث ظلمةِ البطن، وظلمة الرحم، وظلمة المشيمة، كما قال تعالى: {يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِن بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلاثٍ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ} (٢).

والله تعالى وحده يتولى رعايتها، ويهيئ لها غذاءها، والظروف المناسبة لنموها، ثم بقدرته بعدُ يتولى إخراجها بعد اكتمال قواها وقدرتها على العيش


(١) سورة الفرقان، آية: ٥٤.
(٢) سورة الزمر، آية: ٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>