إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده اللهُ فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسوله، اللهم صل وسلم عليه وعلى سائر الأنبياء والمرسلين، وارض اللهم عن الصحابة أجمعين والتابعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليمًا كثيرًا.
أيها المسلمون: والمتأملُ في أيامِ الله عمومًا، وفي الأيام الفاضلةِ على الخصوص يرى أنها تمضي سِرَاعًا، وأيامُ اللهِ عمومًا، ومواسمُ الطاعاتِ لا تنتظرُ الكسالى أو تتوقفُ للنائمين، أو تُحابي المفرِّطين.
إن عجلةَ الزمنِ تدورُ، والليلُ والنهارُ يتعاقبان، والحفظةُ الكرامُ يكتبون، وغدًا يُكشَفُ المخبوءُ، ويتبينُ الفائزون من الظالمين والمقتصِدين.
تُرى كم نُضيِّعُ من الفرصِ في حياتِنا؟ ! وما نَصيبُ فُرصِ الآخرةِ في تفكيرِنا وأعمالِنا؟
وما نصيبُ شهرِ رمضانَ من الفُرص المُضاعةِ في واقعِنا؟ وحين تذهبُ باحثًا عن أسباب هذا التفريطِ والضياعِ، أو ذاك الجِدّ والمسارعةِ لاغتنام فُرصِ الزمانِ تجدُ أن لعُلوِّ الهمّةِ أو ضعفِها أثرًا بالغًا في حياة الإنسانِ، فمن الناس من يُشعرُ نفسَه بأن فيه الكفايةَ لعظائمِ الأمور، ويجعل هذه العظائمَ هِمّتَه، وهذا عظيمُ الهمّةِ كبيرُ النفس. ومنهم مَن فيه الكفايةُ لعظائم الأمورِ، ولكن يبخسُ نفسَه
(١) ألقيت هذه الخطبة يوم الجمعة الموافق ١٢/ ٩/ ١٤٢١ هـ.