للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الهجرة النبوية (الحدث والتاريخ) (١)

[الخطبة الأولى]

الحمد لله رب العالمين، نصر عبده، وأعزَّ جنده، وهزم الأحزاب وحده، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، يفعل ما يشاء، ويحكم ما يريد، يحفظ أولياءه المتقين بحفظه، ويكلؤهم برعايته، ويبطل عمل المفسدين، ويجعل كيدهم في نحورهم .. وكذلك يفعل بالمجرمين.

وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وخليله وحبيبه، في الهدى والرحمة، وأفضل البرية وأتقاها، صلى الله عليه وعلى إخوانه وآله، ورضي الله عن أصحابه، وأتباعهم إنما يوم الدين.

أما بعد فاتقوا الله معاشر المسلمين، ويا فوز من كانت التقوى لباسه: {وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ} (٢).

أيها الإخوة المؤمنون، وكلما أقبل شهر الله المحرم من كل عام أقبلت معه ذكريات الهجرة النبوية واضحةً لكل ذي عين مبصرة، هاتفةً بكل ذي أُدُن واعية، وفيها للنائم يقظة، وللغافل لفتة، وللعاقل عبرة، وللمؤمن ذكرى، والذكرى تنفع المؤمنين، وهذه الذكريات المتجددة عبر آماد الزمان، وأبعاد المكان لا تني تذكرنا بأن الهجرة حدّ فاصل بين عهدين، عهد الاضطهاد وعهد البناء والجِلاد، ولكلٍّ منهما ملامح وسمات.

ولكن الحد الفاصل بينهما هجرة المصطفى، صلى الله عليه وسلم، إلى المدينة واستقرار


(١) في ١٨/ ٢/ ١٤١٤ هـ.
(٢) سورة الأعراف، الآية: ٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>