الحمدُ للهِ ربّ العالمين، أفاءَ على عبادِه من النعمِ ما يستوجبُ الشكرَ والعملَ، وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحده لا شريكَ له، فاوتَ في الهِمَمِ بين عباده، فهذا نشيطٌ وذاك كسول، وهذا مُعطى وآخرُ محروم، وربُّك حكيمٌ عليم، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه، كان نموذجًا للعملِ الدءوب، والجِدِّ والاجتهاد .. وقد أوصى أمتَه بذلك كلِّه، والسعيدُ من سارَ على نهجِه واقتفى أثرَه .. اللهمّ صلِّ وسلم عليه وعلى سائرِ الأنبياءِ والمرسلين.
أيّها المسلمونَ:
٦ - وفي عالَمِ واقعنا بِما رأيتَ أو سمعتَ عن إنسانٍ يملكُ القناطيرَ المقنطرةَ من الذهبِ والفضة، وأرصدتُه الضخمةُ تتوزعُ على عددٍ من البنوكِ والمؤسساتِ والشركات المصرفية - لكنه قَتورٌ مُمسك، تكادُ تُشفقُ عليه إذا رأيتَ حالَه، وربما ظنَّه من لا يعرفُه في عدادِ الفقراءِ والمحتاجين، لا أثرَ لنعمةِ اللهِ عليه في ذاتِه، وربما عاشَ أهلُه ومن يعولُ حالةً من الكَفافِ والتقشفِ والحِرمانِ، مما أحوجَ الآخرينَ للتصدقِ عليهم، ولربما ذهبَ أبناؤه يستسلفونَ الآخرينَ لزواجهم أو لقضاءِ حوائجهمِ الأخرى .. وكم مسَّت الحاجةُ نفرًا من عشيرتهِ وأقربائه، فلم يفكروا بطلبِ العونِ منه، ومدَّ لهم آخرونَ يدَ المعونةِ وإن لم تربطهم بهم نسبٌ ولا قرابةٌ - وأنّى لهذا الصِّنفِ المُمْسكِ أن يتحسسَ حاجاتِ الفقراءِ من خارجِ أُسرتهِ! وأنّى لهذا المحرومِ أن يُقدمَ العونَ والمساعدةَ لفقراءِ المسلمينَ هنا أو هناك!
ما فائدةُ هذه الأرصدةِ؟ وأينَ حقُّ اللهِ في هذه القناطيرِ المقنطرةِ؟ أين سرورُه بما جمعَ؟ وأين بهجةُ أهلِه وأولادهِ وعشيرتهِ بما فتحَ اللهُ عليه؟ أين شعورُه بآلامِ