للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تسع قوارب للنجاة من الفتن (١)

[الخطبة الأولى]

إن الحمدَ لله نحمدُه ونستعينُه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسوله، اللهم صلِّ وسلِّم عليه وعلى سائر الأنبياء والمرسلين، وارض اللهم عن الصحابة أجمعين، والتابعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليمًا كثيرًا.

إخوةَ الإيمانِ: ليس شيءٌ في الوجودِ أغلى من الإيمان .. وما من نعمةٍ امتَنّ اللهُ بها على الإنسان أعظمُ من نعمةِ الإسلام - وما من بلاءٍ أشدُّ من الفتنةِ في الدّين - فالفتنةُ أشدُّ من القتل، بنصِّ القرآنِ.

والفتنةُ سُنةٌ ربانيةٌ جاريةٌ في الأوّلين والآخرين، ليتبينَ الصادقون من الكاذبين: {الم (١) أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (٢) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} (٢).

والفتنُ التي يمكنُ أن يتعرّضَ لها المسلمُ أو المسلمةُ أنواعٌ؛ فمنها الفتنُ في الأهلِ والولدِ، ومنها الفتنةُ بالمالِ أو الجَاهِ، ومنها الفِتنُ بانتشار المُنْكراتِ وكثرةِ الدُّعاةِ على أبواب جهنّمَ، ومنها فتنُ الشّهواتِ، وفتنُ الشُّبُهاتِ، واختلاطُ الحقِّ بالباطلِ، وكثرةُ الاختلافِ، وغَلَبةُ الأهواءِ، هناك فتنةُ الأحياءِ، وفتنةُ الأمواتِ، وفتنةُ المسيحِ الدّجالِ، إلى غيرِ ذلك من أنواعِ الفتنِ .. وليس


(١) ألقيت هذه الخطبة يوم الجمعة الموافق ١٣/ ١١/ ١٤٢١ هـ
(٢) سورة العنكبوت، الآيات: ١ - ٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>