للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الخطبة الثانية]

الحمدُ لله ربّ العالمين اصطفى لنا الدين، وأكرمنا ببعثة خاتمِ المرسلين، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريك له، دعا الخلقَ لعبادته، واصطفى من الملائكةِ رُسلًا ومن الناسِ يبلّغونَ عن اللهِ شرعَه ويهدون الناسَ - بإذن اللهِ - إلى صراطِ العزيزِ الحميدِ.

وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه، أكرمُ الخلق على اللهِ، الشافعُ المشفَّع في المَحشر .. اللهمَّ صلّ وسلّم عليه وعلى سائرِ الأنبياءِ والمرسلين.

أيها المسلمون: وهناك خصائصُ تتميز بها سيرةُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم على غيره من الأنبياءِ، وتختصُّ بها رسالتُه على سائرِ رسالاتِ السماءِ، فرسالةُ الإسلامِ التي بُعِثَ بها محمد - خاتمة وعامة.

وبرسالة محمدٍ صلى الله عليه وسلم خُتمت رسالاتُ السماءِ وانقطعَ الوحيُ .. فلا رسالةَ بعد رسالتِه، ولا دينَ يُقبَلُ إلا دينُه الإسلام {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} (١).

وفي صحيح السنة، «مَثَلي ومَثَلُ الأنبياءِ كمَثلِ رَجلٍ بنى دارًا فأَتمّها وأكملَها إلا موضع لَبِنَةٍ، فجعلَ الناسُ يَدخلونها ويتعجّبون منها ويقولون: لولا مَوضعُ اللّبِنَة! » قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «فأنا موضعُ اللّبِنَةِ، جئتُ فختمتُ الأنبياءَ» (٢).

ورسالةُ محمدٍ صلى الله عليه وسلم مُتمّمةٌ لرسالاتِ الأنبياءِ قبلَه، وهو أولى الناسِ بالأنبياءِ من أَتباعهمِ الذين حرّفوا وبدّلوا {إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا} (٣).


(١) سورة الأحزاب، الآية: ٤٠.
(٢) رواه مسلم في «صحيحه» برقم (٢٢٨٦) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(٣) سورة آل عمران، الآية: ٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>