إخوة الإيمان لا حصر لمبادرات المسلمين على امتداد تاريخهم حتى أصبحت هذه المبادرات سمة لهم ولأجيالهم وما عادت المبادرات في زمن أسلافنا مبادرات فردية بل كانت صفة لازمة للمجتمع والأمة، ولذا برز العلماء في شتى الفنون واشتهر عدد من قادة الجهاد ولمعت أسماء لا تحصى في الفتوح والثغور، وكثر العباد والزهاد، وانتشر المحتسبون والوعاظ، وكان المنفقون والمحسنون، ورحل الدعاة إلى كل صقع يحتاج إلى الدعوة والبيان، وكان عز الإسلام همًا للصغير والكبير، والذكر والأنثى والأثير والمأثور.
إلى زماننا هذا ولا يزال في الأمة خير كثير، ورغم الحصار والتضييق فلا تزال المبادرات تترى، وكلما خيل للأعداء أنهم ضيقوا الخناق على الإسلام والمسلمين وإذا يخالقهم يجعل لهم من الضيق مخرجًا ومن المحن منحًا إلا أن ثمة نفرًا من المسلمين خيل لهم أن فرص الخير قلت وأن مساحة المبادرات قلت وخوفهم الشيطان من مكر الأعداء، وأوهمهم أن الجولة لغيرهم، والله يقول:{إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}.
وآخرون من المسلمين ظنوا أنهم يكفيهم أن يعيشوا على مبادرات سلفت لغيرهم، ونسي هؤلاء أن الزمان يتجدد، وأن الجديد يعتق، وأن الدعوة تحتاج على الدوام إلى متابعة وتجديد، وأن المبادرات إلى الخيرات لم تتوقف في التاريخ ولا ينبغي أن تتوقف.
إن قيم الإسلام الأساسية، وأصوله الثابتة، لا مجالًا للمزايدة والتطوير .. ولكن الوسائل التي تبلغ بها هذه الثوابت قابلة للتجديد- حسب ما تقتضيه ظروف الزمان والمكان- وما لم يمس أصل من أصول الإسلام فالتحدي قائم