إن الحمدَ لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده اللهُ فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسوله، اللهم صل وسلم عليه وعلى سائر الأنبياء والمرسلين، وارض اللهم عن الصحابة أجمعين والتابعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليمًا كثيرًا.
أيُّها المسلمونَ: ما أسرعَ الأيامَ تمضيّ! فقد كُنّا بالأمسِ نُهنئُ أنفسَنا بدخولِ شهرِ الصيام، واليومَ يحقُّ لنا أن نهنئَ بعضًا بقربِ حلولِ العشرِ الأواخرِ من رمضان .. ولئن تحدثنا - فيما مضى - عن معنى التهنئة ولوازِمِهَا - فحريٌّ بنا اليوم أن نستذكرَ قيمةَ البُشرى بإدراكِ العشرِ الأواخرِ من رمضانَ.
أجل، لقد صامَ معنا نفرٌ من إخوانِنا المسلمينَ أولَ الشهرِ، وهم اليومَ يرقدون تحت الثَّرى مرتهنونَ بأعمالِهم .. وفي غيبِ اللهِ، كذلك ستخِرمُ المنايا أقوامًا سيشهدون العشرَ ولن يستكملوها - فهل يا تُرى تُحرّكُ هذه النوازلُ والفواجِعُ هِمَمَنا، وتغذوا سيرَنا للآخرة .. لاسيما ونحن في موسمٍ عظيمٍ من مواسِمِها، والمغبونُ حقًّا من فرّطَ فيها، وموتى الأحياء أعظمُ مصابًا من أصحابِ القبور .. أولئك الذين تدخلُ المواسمُ وتخرجُ وهم في غفلةٍ معرضون.
عبادَ الله: بُشراكم بالعشرِ الأواخرِ من رمضان، وهنيئًا لمن عقدَ العزمَ على إحياءِ لياليها بالقيامِ والذكرِ والدعاءِ والتلاوةِ والاستغفار.
(١) ألقيت هذه الخطبة يوم الجمعة الموافق ١٩/ ٩/ ١٤٢١ هـ.