للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الخطبة الثانية]

الحمد لله المتفرد بالجلال والبقاء، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ما من غائبة في السماء والأرض إلا عنده في كتاب مبين، يقضي بالحق، ويحكم بالعدل، وهو الحكيم الخبير، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، اختار لقاء ربِّه على البقاءِ وزينة الحياة الدنيا، والآخرةُ عند ربِّك للمتقين، اللهم صلِّ وسلم عليه وعلى سائر الأنبياء والمرسلين.

عباد الله: ونحن في هذه الأيام نقف على نهاية عام هجري وبداية عام جديد، تُرى كم خَلَّفنا من أفراحٍ وأتراح، وما الدروس التي ينبغي أن نَعيَها من أحوالنا في السراء والضراء، كم كسبت أيدينا من حسناتٍ أو سيئات، وكم لله علينا من فضلٍ في صحة الأجسام وسعة الأرزاق، والأمن في الأوطان؟ وهل استثمرنا هذه النعم بما يقربنا لمولانا، أم كانت سببًا لغفلتنا وطغياننا؟

أيها المسلمُ والمسلمة: ماذا تعني نهايةُ أوراق التقويم عندك؟ وبماذا يذكرك التاريخُ الجديد للسنة الجديدة إحدى وعشرين وأربع مئة وألف للهجرة؟

هل تذكرت أن سني عمرك تسير إلى النهاية؟ كما تقْلب كلَّ يوم ورقة ... وإذا استيقنت الممات فغبرُك من أبناء الملل الأخرى يستيقن ذلك {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} (١) ... لكن ماذا بعد الممات؟ وذاك الذي يميزك عن غيرك. فكم يأخذ من حيّز تفكيرك البعثُ والمعاد، والجنة والنار، والقبرُ والحشر، والعرضُ والنشور؟ {وَيَومَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ (٢٧) وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} (٢).


(١) سورة آل عمران: الآية ١٨٥.
(٢) سورة الجاثية: الآيات ٢٧ - ٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>