للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الخطبة الثانية]

الحمد لله رب العالمين، نصر عبده، وأعزَّ جنده، وهزم الأحزاب وحده، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله وخيرته من خلقه، اللهم صل وسلم عليه، وعلى سائر المرسلين، وعلى آله وأصحابه والتابعين، ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد، إخوة الإسلام، فينبغي أن نستفيد من هذه الأحداث والملاحم الواقعة في تاريخ المسلمين الدروس والعبر، وأن نستثمر ماضينا لصناعة حاضرنا، وأن نفكر دائمًا في مستقبلنا على ضوء حاضرنا وماضينا.

وأول هذه الدروس أن الأيام دول بين الناس كما قال تعالى: {وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ} (١) والله يحكم، لا معقِّب لحكمه، وبقدر ما تتوفر أسباب النصر لطرف من الأطراف ينتصر، وانتصاره على حساب هزيمة الطرف الآخر.

الدرس الآخر: إن النصر لأي طرف لا يأتي من فراغ، وليس ثمن النصر يسيرًا، ولا يُنال العز والشرف إلا على جسر من المتاعب، وبعد بذل الجهد، واستنفار القوى، وإحياء الهمم، والعمل دون كلل أو ملل .. وهذا ليس خاصًا بالمسلمين، وفي واقعنا المعاصر شاهد على ما نقول، فالأمم التي تتصدَّر القيادة اليوم كافحت في سبيل ذلك، واستخدمت كل طاقة، وسخرَّت كل إمكانية، حتى اكتملت قوتها، وفرضت على الناس هيبتها وسيطرتها، وأصبح الناس إلى جانبها مستوردين آخذين، وفرق بين الآخذ والمعطي.

وفي ظل هذه الظروف ينبغي ألا ننكر واقعنا، ولا نتجاهل قوة خصومنا، وألا


(١) سورة آل عمران، الآية: ١٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>