للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجاء عنده، ترقق لصلاح، وذل له ذلاً عظيمًا، وتشفع إليه بكل ما يمكن، فلم يجبه صلاح الدين إلى الأمان، فقال حينها: (إن لم تعطنا الأمان رجعنا فقتلنا كل أسير من المسلمين بأيدينا- وكانوا قريبًا من أربعة آلاف- وقتلنا ذرارينا وأولادنا ونساءنا، وخربنا الدور والأماكن الحسنة، وأحرقنا المتاع، وأتلفنا ما بأيدينا من الأموال، وهدمنا قبة الصخرة، وحرقنا ما نقدر عليه، وبعد ذلك نخرج فنقاتل قتال الموت، ولا خير في حياتنا بعد ذلك، فلا يقتل واحد منا حتى يقتل أعداد منكم، فماذا ترتجي بعد هذا من الخير؟ (١) فلما سمع صلاح الدين ذلك أجاب إلى الصلح مع عدد من الشروط أخذها عليهم، ووافقوا عليها .. وخرجوا منها أذلةً وهم صاغرون.

وهكذا تكون نتائج العزة الإيمانية، وثمار الجهاد وآثار التربية الصادقة، وكذلك يذل الله الكافرين حين يصدق المسلمون، فهل من مدَّكر؟

اللهم أعزَّنا بطاعتك، ولا تذلنا بمعصيتك، وارزقنا حلاوة الإيمان بك، واعصمنا من التوكل على أحدٍ سواك.


(١) البداية والنهاية ١٢/ ٣٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>