للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الخطبة الثانية]

الحمد لله رب العالمين واهب النعم ومحل النقم، أحمده تعالى وأشكره، وأثني عليه الخير كله، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله وخيرته من خلقه اللهم صل وسلم عليه وعلى إخوانه وآله، وارض اللهم عن الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

إخوة الإسلام ولا تكاد تنقضي عجائب هذا الملك العادل، أو تحصر مناقبه وسأكتفي بالوقوف عند منقبتين من مناقبه- غير ما سلف- هما: العدل والجهاد، إذ هو كما وصفه الإمام الذهبي: حامل رايتي العدل والجهاد، قل أن ترى العيون مثله، حاصر دمشق تم تملكها وبقي بها عشرين سنة .. وكان بطلاً شجاعًا وافر الهيبة، حسن الرمي، مليح الشكل، ذا تعبد وخوف وورع، وكان يتعرض للشهادة، سمعه كاتبه أبو اليسر يسأل الله أن يحشره من بطون السباع وحواصل الطير ..

قال ابن واصل- كما نقل الذهبي- كان من أقوى الناس قلبًا وبدنًا لم ير على ظهر فرس أحد أشد منه، كأنما خلق عليه لا يتحرك وكان يقول: طالما تعرضت للشهادة فلم أدركها.

قال الذهبي: قد أدركها على فراشه وعلى ألسنة الناس (وهم يقولون) نور الدين الشهيد (١).

وإليك أخي المسلم هذا الحوار المعبر عن شجاعته وبذله لنفسه في سبيل الله، فقد قال له يومًا قطب الدين النيسابوري: بالله يا مولانا السلطان لا تخاطر


(١) سير أعلام النبلاء ٢٠/ ٥٣٢، ٥٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>