للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخطبةُ الثانية:

الحمدُ للهِ غافرِ الذنوبِ وساترِ العيوب، والصلاةُ والسلامُ على إمامِ المستغفرين، وداعي الناسِ للتوبةِ أجمعين.

أيها المسلمون: والاستغفارُ عبادةٌ وقُربة، ورحمةٌ ورِفْعةٌ، ودفعٌ للشرورِ والبلاء، حتى قالَ شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ رحمهُ الله: شهادةُ التوحيدِ تفتحُ بابَ الخير، والاستغفارُ يُغلقُ بابَ الشر (١).

وقالَ الحسنُ رحمهُ الله: أكثِروا منَ الاستغفار، فإنكمْ لا تدرونَ متى تنزلُ الرحمةُ.

والاستغفارُ خيرُ رفيقٍ في الدنيا، وفي ظلماتِ القبر، وحينَ العرضِ على الله، فمنْ لزمَ الاستغفارَ جعلَ اللهُ لهُ منْ كلِّ همٍّ فرَجًا، ومنْ كلِّ ضيقٍ مخرجًا، ورَزَقَهُ منْ حيثُ لا يحتسبُ .. هذا في الدنيا.

وفي القبرِ، قالَ أبو المنهال رحمهُ الله: «وما جاورَ عبدٌ في قبرهِ منْ جارٍ أحبَّ إليهِ منْ استغفارٍ كثير» (٢).

يا عبدَ الله: منْ أهمَّتهُ ذنوبُهُ أكثرَ لها منَ الاستغفار، ومنْ استشعرَ نعمةَ اللهِ ختمَ ذلكَ بالاستغفار .. وهذا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حينَ وفّى تبليغَ الرسالةِ ونصرَه اللهُ، وفتحَ لهُ ما فتح، ودخلَ الناسُ في دينِ الله أفواجًا، أُمِرَ بالاستغفار، فكانَ الجهادُ والدعوةُ عبادةً أداها، وشُرعَ له الاستغفارُ عُقيبها.

ومنْ وصايا لقمانَ لابنه: يا بني، عوِّدْ لسانَكَ الاستغفارَ، فإنَّ للهِ ساعاتٍ لا يَردُّ فيهن سائلًا (٣).


(١) محمد الحمد، رمضان، ١٩٤.
(٢) السابق/ ١٩٣.
(٣) السابق/ ١٩٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>