الحمدُ للهِ، أزمَّةُ الأمورِ بيدِه، وأمورُ الكونِ والخلقِ لا تخرجُ عن قدرتِه ومشيئتِه، وأشهدُ أنْ لا إله اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه وخيرتُه من خلقِهِ، اللهمَّ صلِّ وسلمْ عليه وعلى سائرِ الأنبياءِ والمرسلين.
عبادَ الله:
٨ - وثمةَ أمرٌ بالغ الأهميةِ في تحقيقِ النصرِ للمسلمين ألا وهوَ صدقُ التوكلِ على الله وحدَه، وصرفُ الخوفِ منهُ وحدَه. نعمْ، إنَّ الناسَ في حالِ الرخاءِ يرددونَ هذه المعاني ويعقلونها، ولكنَّ الخللَ يحدثُ حينَ تقعُ الأزماتُ وحينَ يستشري العدوُّ ويُهددُ ويُزبد، ويزدادُ القلقُ أكثرَ حينَ تُحاطُ الأمةُ بأعداءَ مِنَ الخارجِ والداخل، وحينَ يقلُّ النصرُ، ويضعفُ المُعين ..
هنا وفي ظلِّ هذه الظروفِ الحرجةِ يُساورُ النفوسَ الضعيفةَ الشكوكُ، ويستولي عليها الخوفُ مِنَ البشر، فيضعفُ يقينُها بالله، ويخفُّ ميزانُ التوكلِ على اللهِ وحدَه.
والقرآنُ يُطمئِنُ المؤمنين، بلْ يربطُ بين هذه المعاني وبينَ الإيمانِ ويقولُ تعالى {فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}(١).
والمرسلونَ ما فتئوا يعلِّمونَ الناسَ التوكلَ على اللهِ، لا سيما في الشدائد، وتأملْ توجيهَ موسى عليه السلام لقومِهِ على إثرِ تخوفهمْ منْ فرعونَ وعُلوِّه.