للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الخطبة الثانية]

الحمدُ للهِ ربّ العالمين قدَّر بلاءَ الناسِ بالشرِّ والخيرِ فتنةً وإليه المرجعُ والمصيرُ، وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، حكمَ بالأمنِ مع الإيمان، ويذيقُ القرى لباسَ الجوعِ والخوفِ بالكفرِ والفسوقِ والعصيان، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه وخيرتُه من خَلقِه، اللهم صلِّ وسلم عليه وعلى سائرِ الأنبياء والمرسلين.

أيها المسلمونَ: وإذا علمنا شيئًا من ثمراتِ الأمنِ في الأوطان، فالسؤال المهم ما هي أسبابُ الأمنِ ومقوماتُه الأساسيةُ؟

إن أهمّ الأسبابِ للأمنِ: الإيمانُ بالله ومراقبتُه والشعورُ بأنه مطَّلعٌ على عبدِه في السرِّ والعَلنِ، فذلك الشعورُ يميتُ الجريمةَ قبل خروجِها، ويَهِنُ من عزيمةِ المجرمِ حالَ استحواذِ الشيطان عليه، وما أروعَ الطاقةَ حين تُصرفُ في الخير وعمل الصالحاتِ، حينها يتحول صاحبُها إلى إنسانٍ خيِّر يبني ولا يهدم، ويُؤمنُ ولا يُخافُ، وهذه النوعيةُ من البشرِ تستحقُّ الاستخلافَ في الأرض، ولها وعْدُ اللهِ بالأمن ورَغَدِ العيش كما قال تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا} (١).

ومع الإيمانِ وعملِ الصالحاتِ، لا بد من تصحيح المعتقَدِ من الشركياتِ والخرافاتِ، فتلكَ ضمانةٌ كبرى لتوفُّر الأمن، كما قال تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ} (٢).


(١) سورة النور، الآية: ٥٥.
(٢) سورة الأنعام، الآية: ٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>