للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكاك الأسير (١)

الخطبةُ الأولى:

إنَّ الحمدَ للهِ نحمدُه ونستعينُه ونستغفرُه، ونعوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أنفسِنا ومنْ سيئاتِ أعمالِنا، منْ يهدِه اللهُ فلا مضلَّ لهُ، ومَنْ يضللْ فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُهُ ورسولُه، اللهمَّ صلِّ وسلِّمْ عليهِ وعلى سائرِ الأنبياءِ والمرسلين، وارضَ اللهمَّ عن الصحابةِ أجمعينَ والتابعينَ وتابعيهمْ بإحسانٍ إلى يومِ الدينِ، وسلمْ تسليمًا كثيرًا.

أيها المسلمون: دينُنا دينُ التكاتفِ والتكافلِ الاجتماعي، دينٌ تنصُّ تعاليمُه على كفالةِ اليتيم، وإعانةِ المحتاج، وفكاكِ الأسير، ورعايةِ ابنِ السبيلِ وعيادةِ المريضِ، ورعايةِ المُسِنِّ، والإعانةِ على نوائبِ الحقِّ، والتنفيسِ عن مُعْسرٍ، وتفريجِ كربِ المكروب .. ونحوِ ذلكَ منْ سلوكياتٍ تُلبسُ المجتمعَ الإسلاميَّ لَبُوسَ المودةِ والإخاءِ، وتشيعُ المحبةَ والتعاونَ بينَ المسلمين.

ولكنَّ آفةَ المسلمينَ حينَ يغفلونَ عنْ هذهِ المعاني، ويفرِّطونَ، في رعايةِ هذهِ القيمِ أو شيءٍ منها؛ فيظلُّ الفقيرُ يكابدُ الآمَ الفقرِ والحرمانِ وحدَه بعيدًا عنْ مشاعرِ المسلمينَ ومعونَتِهم، وتتراكمُ الهمومُ على مسلمٍ مهمومٍ فلا يجدُ-على الأقل- منْ يسرِّي عنهُ ويسألُ عنْ أحوالِه، ويفيضُ عليهِ مِنْ المشاعرِ المؤنسةِ ما ينفسُ كربَته أو يخففُ عليهِ ضائقتَه.

وهكذا يظلُّ المريضُ يعاني منْ ألمِ المرضِ ووحشةِ الزوارِ، فلا يُسألُ عنْ حالهِ ولا يُزارُ فيُدعى له بالشفاءِ والعافية، وينقطعُ ابنُ السبيلِ فلا يكادُ يلتفتُ إليهِ


(١) ألقيت هذهالخطبةُ يوم الجمعة الموافق ٢١/ ٦/ ١٤٢٣ هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>