للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخطبةُ الثانية:

الحمدُ لله ربِّ العالمين، هو الحيُّ لا إله إلا هو فاعبدُوه مُخلِصين له الدِّين، وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، ولو أنَّ السماواتِ السبعَ وعامرَهنَّ غيرَ الله والأرَضِينَ السبعَ وُضِعتْ في كِفّة، ولا إله إلا الله في كفةٍ، لرجحتْ بهنَّ لا إله إلا الله، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسوله، مَن صلَّى عليه صلاةً صلَّى اللهُ عليه بها عشرًا، اللهمَّ صلَّ وسلِّمْ عليه وعلى سائر الأنبياء والمرسلين.

إخوةَ الإسلام: هنيئًا للذين لا تزالُ شفاهُهم تتحرَّك بذِكْرِ الله في حال خَلْوتِهم أو في حال اجتماعِهم مع الناس، وهنيئًا للذين يَعقِدون أناملَهم بالتسبيحِ والتحميدِ والتكبير والتهليل في حالِ إقامتِهم أو سفرِهم.

إن أُولي الألبابِ هم الذين يذكرون الله قيامًا وقعودًا وعلى جنوبِهم.

والمؤمنون حقًا هم الذين إذا ذُكِرَ الله وَجِلَتْ قلوبُهم والذين آمنوا هم الذين تطمئنُّ قلوبُهم بذِكْر الله .. وفَرْقٌ بين هؤلاء وبين مَنْ إذا ذُكِرَ اللهُ وحدَه اشمأزَّت قلوبُهم وإذا ذُكِر الذين من دونِه إذا هم يستبشرون.

أجل يا عبادَ الله، إن المصلِّين أكثرُ الناس ذِكرًا لله وتلاوةً واستغفارًا، كيف لا وفي الصلاة ذِكرٌ ودعاءٌ وتسبيحٌ وتهليل وتكبير وتحميدٌ، بل لقد سمَّى اللهُ الصلاةَ ذِكرًا كما في قوله تعالى: {أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} (١).

أمّا المنافقون فهم أضعفُ الناسِ وأقلُّهم للهِ ذِكرًا {وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا} (٢) لأنهم إذا قاموا إلى الصلاةِ قاموا كُسالى.


(١) سورة الجمعة، الآية: ٩.
(٢) سورة النساء، الآية: ١٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>