حين يكون الحديث عن ثقافة التسامح والعفو والتيسير هناك مفهومان وثقافتان لهذا المعنى، وثالثة (وسطى) بينهما هناك فهم لا ينتهي بالتسامح عند حد، وهناك آخر يغلقه عما فيه حل ويسر، هناك ثقافة ترى التسامح تخلصًا من تبعات الدين وتمييعًا لأحكام الإسلام، وانهزامية أمام الآخرين، وتبعية مذلة للأعداء.
وهناك ثقافة أخرى تنظر إلى التسامح والتيسير على أنه جبن وخور، وتنازل عن المسلمات، واعتداء على الحرمات، وزيادة هوان للأمة، حتى وإن كان تأليفًا للقلوب، وربما غاب عن هؤلاء فقه السياسة الشرعية، وتغليب المصالح أو درء المفاسد.
إنهما ثقافتان غالية وجافية، والثقافة المتسامحة الميسرة التي نريد هي وسط بين الإفراط والتفريط، إنها تنطلق من أصول شرعية، وممارسات إسلامية خط طريقها محمد صلى الله عليه وسلم وحسبك به معلمًا وهاديًا وأسوة، وجاءت مفرداتها في الكتاب والسنة أجل لقد أدبه ربه، وكان من أدبه له {فاصفح الصفح الجميل}[الحجر: ٨٥]. وقاله له:{ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ}[المؤمنون/ ٩٦]، وأوصى:{خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} وأراد الله له ولأمته اليسر {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ