الحمدُ لله ربِّ العالمين، من توكّلَ عليه كفاهُ، ومن يعتصم بالله فقد هُديَ إلى صراطٍ مستقيم، وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدَه لا شريك له، اقتضت حكمتُه أن يتدافعَ الحقُّ والباطلُ في الأرض إلى يوم الدين، ليميزَ اللهُ الخبيثَ من الطيبِ، ويجعلَ الخبيثَ بعضَه على بعضٍ فيركُمُه جميعًا فيجعلُه في جهنم، أولئك هم الخاسرون، وأشهد أنّ محمدًا عبدُه ورسولُه، نصر اللهُ به الحنيفيةَ السّمحاءَ، وجاءت رسالتُه متممةً لرسالاتِ السماء، وجاء بُنيانُه مكمِّلًا لبنيان الأنبياءِ قبلَه - وعليه وعليهم جميعًا أفضلُ الصلاةِ وأزكى التسليم.
إخوة الإيمان: وحين أسوقُ لكم باختصارٍ نماذجَ للكيد النصرانيِّ ضد الإسلام والمسلمين، لا يفوتني أن أذكرَ بأن كيدَ النصارى سابقٌ لبعثةِ محمد صلى الله عليه وسلم، فقد كانوا لا يَرْضوْنَ بوجود دينٍ ينافسُ دينَهم، ولو كان دينُهم - هم - محرّفًا، ولو كان الدّينُ الذي ينافسُهم عبادةَ الأوثان، ولا يَرضوْن بقوم ينافسونهم على السِّيادة، ولو كانوا قِلّةً بجانب كثرتِهم هم، وكفرةً وثنيين، وهم يزعمون الإيمانَ ويتشبّثون بالدِّين، وفي قصة الفيلِ - التي جاء ذكرُها في القرآن - وغيره عبرةٌ وعِظةٌ - لمن تأمّل - في تاريخ النصرانية والنصارى.
وقد جعل كيدَهم في تضليل، وحفظ بيتَه من عَبثِ النصارى، وأرسل عليهم طيرًا أبابيلَ، ترميهم بحجارةٍ من سِجيل، فجعلهم كعصفٍ مأكول.
وكانت الحادثةُ إيذانًا بعدم صلاحية النصارى لقيادة العالم، وإرهاصًا لبعثةِ محمدٍ صلى الله عليه وسلم؛ لتكون الكعبةُ المحفوظةُ قِبلتَه، وليكون العربُ المنتصرون قومَه ورجالَه، واستجاب اللهُ دعاءَ عبد المطلب - زعيمِ قريشٍ حينها: