الحمد لله رب العالمين كتب العزة والغلبة لأوليائه الصادقين وجعل الذلَّ والصغارَ للكافرين والمنافقين وما ربُّك بظلام للعبيد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له يمتحن الناس في إيمانهم ويبلو صبَرهم، وحقٌّ عليه نصرُ المؤمنين، ويجعل العاقبَّة للمتقين، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله جاهد في الله حق جهاده، وفي سيرته وسنته عبرٌ للناظرين ..
اللهم صل وسلم عليه وعلى سائر أنبياء الله والمرسلين ومن تبعهم إلى يوم الدين.
إخوة الإسلام إذا كان الدرسُ الأولُ في حادثةِ بني قينقاع يكشف عن طبيعة نفسيات اليهود، وتلبُسِهم بالغدر والخيانة وانطواء نفوسهم على الحسدِ والبغضاء والاحتقار للآخرين.
فالدرسُ الثاني يكشف عن حلفائهم وإخوانهم من المنافقين الذين نشأوا على أيديهم، واستمر ودُّهم فيهم، وإن أظهروا للمسلمين المودة وحسبوا عليهم.
أخرج ابنُ إسحاق -بسند صحيح- أن بني قينقاع كانوا أولَ يهود نقضوا ما بينهم وبين رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، وحاربوا فيما بين بدر وأحد، فحاصرهم رسوله الله صلى الله عليه وسلم حتى نزلوا على حكمه فقام عبدُ الله بنُ أبي ابنِ سلول إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أمكنه اللهُ منهم، فقالَ: يا محمد: أحسن في مواليَّ، فأعرضَ عنه، فأدخلَ يدَه في جيبِ درعِ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أرسلني، وغضب حتى رؤي وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ظلال، فقال له: ويحك أرسلني، فقال: والله لا أرسلك حتى تُحسنَ في موالي أربعمائةِ حاسرٍ، وثلاثمائة دارع منعوني من الأحمرِ