الحمد لله رب العالمين، وما بكم من نعمةٍ فمن الله، وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، يبتلي الناس بالشرِّ والخير فتنة وإليه يرجعون.
وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسولُه، لم يتوفاه الله حتى دلَّ الأمة على كل خير، وحذرهم من كل شرٍّ، اللهم صلِّ وسلِّمْ عليه وعلى سائر الأنبياء والمرسلين.
عباد الله: يتبادر إلى أذهان الغيورين حين الحديث عن هذه الأزمات العالمية عدةُ أسئلة، ومنها:
أين موقعُ المسلمين في هذه الأزمات؟ وهل يتوفر الصوتُ الإسلامي الداعي للإنقاذ؟ وما هي مسؤولية المسلمين في حلِّ أزمات إخوانهم المسلمين، إن أعياهم الحلُّ لأزمة العالم كلِّه؟ وبم يكون الحلُّ؟
إن سيطرة الجاهلية اليوم، وتنحية الإسلام عن القيادة سبقتها جاهلياتٌ أخرى، وفي أزمنةٍ متعددة، ودعونا نستقرئ أحداث التاريخ فيما مضى، وخاصة يوم بعث المصطفى صلى الله عليه وسلم، فقد عمت الجاهليةُ أنحاء الأرض، ونظر اللهُ إلى أهل الأرض - حينها - فمقتهم عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب - كما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم - فكان الفسادُ العقديُّ، والوثنيةُ تضرب أطنابها، ليس في عالم الفرس والروم فحسب - بل وبجوار بيت الله الحرام، والأزماتُ الاقتصادية والعسكرية على قدم وساق، إذ يشيع الربا وأكل أموال الناس بالباطل، ليس فقط عند أهل الوثنية الجاهلية، بل يشاركهم أهلُ الكتاب: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ