للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} (١)، {وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ} (٢).

أما الأزمات العسكرية فشاهدُها اشتعال الحروب لأتفه الأسباب، وربما امتدت الحربُ عدة عقود، فأفنت الرجال وسبيت الذرية - وربما كان لأهل الكتاب دورٌ في هذه الحروب - وكانت الجزيرةُ وما حولها مسرحًا للنهب والسلب، لغةُ القوة فيها هي السائدة، ويعبرُ عنها الشاعرُ بقوله:

ونشرب إن وردنا الماء صفوًا ويشربُ غيرُنا كدرًا وطينًا

وبعث محمدٌ صلى الله عليه وسلم وفارسُ والروم تسيطران على أطراف الجزيرة وما حولها ... ولربما قال قائل: وما موقع المسلمين المستضعفين المطاردين في هذا العالم المسيطر؟ ومع صدق الانتماء، وقوة اليقين، وشحذ الهمم والتربية الجادة من قبل محمد صلى الله عليه وسلم تأسست شجرةُ الإيمان وصُقلت مواهبُ المؤمنين ... وبدأ البساطُ يسحب من تحت أقدام الكافرين شيئًا فشيئًا حتى شمل نورُ الإسلام المعمورة ودخل الناسُ في دين الله أفواجًا، لا يضير المسلمين في هذا أن يقدموا عددًا من الشهداء، أو تمر بهم عددٌ من الأزمات فيتجاوزوها، وهنا أُذكر بواحدة من الأزمات الاقتصادية التي مرت بالمسلمين في عهد الراشدين، وكيف تجاوزوها وتعامل معها الفاروقُ رضي الله عنه بمساعدة المسلمين له، إنها أزمةُ المجاعةِ في السنة السابعة عشرة للهجرة، أو ما يُعرف بعام الرمادة، تلك التي قال الطبريُّ في وصفها: كانت الرمادةُ جوعًا أصاب الناس بالمدينة ومن حولها فأهلكهم، حتى جعلت الوحوشُ تأوي إلى الإنس، وحتى جعل الرجلُ يذبح الشاة فيعافها من قُبحها، وإنه لمقفر (٣)، وحتى أن الأعرابي ليردُ إلى المدينة فيقسم ما أكل


(١) سورة التوبة، الآية: ٣٤.
(٢) سورة النساء، الآية: ٤.
(٣) التاريخ: ٤/ ٢٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>