أيها الأخوة المؤمنون، الناس في هذه الحياة كلُّهم يسعى ولكن سعيهم مختلف {إن سعيكم لشتى} وإذا اختلف السعي اختلف الجزاء {فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى، وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى} إنه مقرر عند العقلاء أن الخير ليس كالشر، وليس الهدى كالضلال وليس الصلاح كالإفساد، وليس من أعطى واتقى كمن بخل واستغنى وليس من صدَّق وآمن كمن كذب وتولى .. إن لكل طريقًا ولكل مصيرًا، ولكل جزاء وفاقًا .. ولا يظلم ربك أحدًا.
يا عبد الله إلى أين تسعى، وما الهدف من مسعاك، وما نتائج هذا المسعى؟ تلك أسئلة راشدة حق على كل مسلم أن يسأل نفسه إياها .. فهي مُوجهة للمسيرةٌ، وقائدةٌ بإذن الله للفلاح في الدنيا والسعادة في الآخرة.
واعلم يا عبد الله أنه لا وقوف في الطريق البتة لكن هل تتقدم أم تتأخر، قال تعالى:{لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر}.
وإذا ضل سعي أكثر العالمين والله يقول عنهم {وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله} فعلى عباد الرحمن أن يضبطوا مسيرهم، وأن يحددوا أهدافًا عالية لمسعاهم.