للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وصدق الشاعر:

شاب الصبا والتصابي بعد لم يشب ... وضاع وقتك بين اللهو والعب

يصلحون أنفسهم، ويسهمون في إصلاح الحياة والأحياء من حولهم ويتأكد السعي المثمر حين يتأمل الساعي قصر الحياة الدنيا، وكثرة طرق الضلال، وتنوع ميادين الفساد والإفساد؛ فمن خلّص نفسه من هذه الأشواك وتجاوز هذه المغريات فهو السعيد الراشد، {وقد أفلح من زكاها}.

ويتأكد السعي المثمر كذلك بالنظر لنعيم الآخرة وطول المكث فيها {فهي الحيوان لو كانوا يعلمون} {وأن يومًا عند ربك كألف سنة مما تعدون}:

وشمس عمرك قد حان الغروب لها ... والفيء في الأفق الشرقي لم يغب

وفاز بالوصل من قد جدَّ وانقشعت ... عن أفقه ظلمات الليل والسحب

أجل لقد خطى على هذه الأرض أنبياء وعظماء، وأغنياء، وساسة وقادة وكبراء وما هي إلا برهة من الزمن وإذا الأرض تغنيهم في طورها ولم يبق إلا أخبارهم تروى {منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى} {ألم نجعل الأرض كفاتًا أحياء وأمواتًا}؟ وكان الخبر بعدهم على حسب سعيهم وكان ذكرهم مقرونًا بنوع أعمالهم أجل إنهم أقوام باعوا أنفسهم لله، وجاهدوا في سبيله، ودعوا الخلق إلى عبودية الخالق فأولئك سعيهم مشكور، وأجرهم محفوظ، وأولئك في جنات مكرمون وآخرون دسوا أنفسهم ودنسوها بالمعاصي، وأوبقوها ولا بد للقيام بأمر الله من عاملين عامل القوة وعامل الإخلاص فالمخلص بلا قوة يعجز عن القيام به، والقوي للإخلاص يخدل، فمن قام بهما كاملًا فهو

<<  <  ج: ص:  >  >>