للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الخطبة الثانية]

الحمد لله ربِّ العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وليُّ الصالحين، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله خيرةُ الخلق أجمعين، اللهم صل وسلم عليه وعلى سائر النبيين.

أيها المسلمون! كما هدى الله المؤمنين لصراطه المستقيم، فقد أضلَّ عنه اليهود والنصارى ومن سارَ على سنتهم واتبع ملتهم، والموفق من وفقه الله لاتباع الحقِّ والهدى.

قال عدي بن حاتم رضي الله عنه: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس في المسجد، فقال القوم: هذا عدي بن حاتم، وجئت بغير أَمان ولا كتاب، فلما دفعت إليه أخذ بيدي، وقد كان قبل ذلك يقول: إني لأرجو أن يجعل الله يده في يدي، حتى أتى بي داره، فألقت له الوليدة وسادةً، فجلس عليها وجلست بين يديه، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: ((ما يُفرُّكَ؟ أيفرُّك أن تقول لا إله إلا الله؟ فهل تعلم من إله سوى الله؟ )). قال: قلت: لا، ثم تكلم ساعة، ثم قال: ((إنما يفرك أن تقول: الله أكبر، وتعلمُ شيئًا أكبر من الله؟ )) قال: قلت: لا، قال: ((فإن اليهود مغضوبٌ عليهم، وإن النصارى ضُلّال) قال: قلتُ: فإني حنيفٌ مسلم، قال: فرأيت وجهه منبسطًا فرحًا .. (١).

عباد الله! سببُ الغضب على هؤلاء وضلال أولئك، أن اليهود مقصِّرون عن الحق، والنصارى غالون فيه، فكفر اليهود أصله من جهة عدم العمل بعلمهم، فهم يعلمون الحقَّ ولا يتبعونه عملا أو لا قولا ولا عملا، وكفر النصارى من جهة


(١) الحديث رواه الترمذي وقال: حديث حسن غريب (الاقتضاء ١/ ٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>