للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(١) حصائد الألسن (١)

[الخطبة الأولى]

إن الله نحمده ونستعينه ونستغفره ..

أيها الإخوة المسلمون .. عن حصائد الألسن، وآفاتها الخطيرة، وغوائلها المهلكة حديث من الأهمية بمكان، وهي لكثرتها ربما لا يحس الناس بها أو يقدرون خطر بعضها دون البعض الآخر. أما العارفون فقد عدوا اللسان عشرين آفة، يتعامل الخلق بها كلها لكن ما بين مقل ومستكثر، وما بين محتاط مقتصد فيما يقول، وبين متعد مفرط يرى أنه ما دام بإمكان لسانه أن يتحرك فلا عليه أن يطلقه، حتى ولو كان ذلك الإطلاق على حساب دينه وكرمه ومروءته، وليت هؤلاء بل ليتنا جميعًا نفقه قول المصطفى صلى الله عليه وسلم «من صمت نجا» (٢) إذ لا نجاة لمن لا يحسن استخدام اللسان بالمعروف إلا بالصمت، ولا شك أن الصمت يحتاج إلى مجاهدة نفس وطول مران، لكن الكف عن الشرور والآثام طريق موصل إلى الله وجنته، فهذا أعرابي- كما في حديث البراء ابن عازب رضي الله عنهما- جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: دلني على عمل يدخلني الجنة قال: «أطعم الجائع واسق الظمآن، وأمر بالمعروف وأنه عن النكر، فإن لم تطق فكف لسانك إلا من خير» (٣).

إخوة الإسلام .. فهذه الآفات العشرون للسان تختلف في حريتها، وتتفاوت في


(١) ألقيت هذه الخطبة يوم الجمعة الموافق ٢١/ ٥/ ١٤١٤ هـ.
(٢) رواه الطبراني بسند جيد (إحياء علوم الدين ٥ - ٨/ ١٥٣٧.
(٣) الحديث رواه ابن أبي الدنيا بإسناد جيد (المصدر السابق/ ١٥٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>