عقوباتها، لكن بعضها يجر إلى بعض، وإذا تجاوز اللسان آفة سهل عليه مقارفة الآفة الأخرى، وهكذا يكون للسان نصيب من هذه الآفات لها فيهلكه لسانه.
تعالوا بنا معاشر المسلمين نتذكر هذه الآفات مبتدئين بأخفها ومترقين إلى الأغلظ قليلاً، ونؤخر الكلام في الغيبة النميمة والكذب، فإن النظر فيها أطول، والعقاب فيها أشد.
وأوصي نفسي والسامعين- ونحن نستمع لهذه الآفات - أن نحاكم واقعنا إليها، وأن نحاسب أنفسنا على ضوئها، فتلك ثمرة المواعظ والخطب، وتلك صفات المؤمنين الذي يستمعون القول فيتبعون أحسنه، الذين قالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير أولئك الذين هدى الله وأولئك هم أولو الألباب.
وأول هذه الآفات اللسان: الكلام فيما لا يعني المتكلم إذ هو ضياع للعمر والوقت فيما لا فائدة فيه، وهل هناك أغلى على الإنسان من وقته وعمره، وفوق بين من يزرع بكل كلمة يقولها شجرة له في الجنة وبين من يجني الأشواك على نفسه بسبب كثرة كلام لا فائدة فيه، وربما جره إلى مكروه أو حرم.
قال العلماء: وحد الكلام أن تتكلم بكلام لو سكت عنه لم تأثم، ولم تستضر به في حال ولا مال (١).
فإذا علمت هذا فاعلم أن من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه. وتأمل هذه النصيحة من حبر الأمة وترجمان القرآن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، فقد روى عنه مجاهد -رحمه الله- قال: سمعت ابن عباس يقول: خمس لمن أحب إلى من الدهم الموقوفة -وهي العدد الكثير من الإبل أو الخيل-: لا تتكلم فيما لا يعنيك، فإنه