للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الخطبة الثانية]

الحمد لله ربِّ العالمين، يُحب التوابين ويحب المتطهرين، ويحب المحسنين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، لا يحب الفاحش المتفحش ولا يحب البذيء، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أخبر أن عطاء الله لعبدٍ من أمور الدنيا لا يعني المحبة والرضا فقال: «إذا رأيتَ اللهَ تعالى يُعطي العبدَ من الدنيا ما يُحبُّ وهو مقيمٌ على معاصيه، فإنما ذلك منه استدراجٌ» رواه أحمد وغيره بسند صحيح (١).

اللهم صلِّ وسلم عليه وعلى سائر الأنبياء والمرسلين.

أيها المسلمون: ومن عظمة هذا الدين أنه يُشيع المحبةَ بين المسلمين فيجزي على الابتسامة المؤنسة: «وتبسُّمكَ في وجْهِ أخيك صدقةٌ». ويهدي لاختيار أطيب عبارةٍ حين المحادثة، ويرتب عليها المثوبة: «والكلمةُ الطيبةُ صدقةٌ» ويدعو إلى النظرة الهادفة لتأليف القلوب، وقد كان صلى الله عليه وسلم يُقبِل بوجهه وحديثه على أشرِّ القومِ يتألَّفهم بذلك - كما قال عمرو بنُ العاص رضي الله عنه (٢).

كان من هديه صلى الله عليه وسلم بسطُ النفس ومداعبة من يحتاج إلى المداعبة .. وكلُّ ذلك تشريعٌ للأمةِ ودعوةٌ لها إلى مكارم الأخلاق، وإشاعةِ المحبةِ والخير بين المسلمين. بل دعا إلى إظهار المحبة بين المتحابين؛ لأنه أبقى في الألفةِ وأثبتُ في المودة، وفي هذا يقول عليه الصلاةُ والسلام: «إذا أحبَّ أحدكم أخاه في الله، فليُعْلمْه، فإنه أبقى في الألفةِ وأثبتُ في المودَّة»، رواه ابنُ أبي الدنيا بسندٍ حسنٍ، عن مجاهد مرسلًا (٣). بل لقد ورد في بعض روايات الحديث: «إذا


(١) صحيح الجامع الصغير: ١/ ٢١٤.
(٢) مختصر الشمائل ١٨١ بسندٍ حسن.
(٣) صحيح الجامع: ١/ ١٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>