للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الخطبة الثانية]

الحمد لله ربِّ العالمين، فرَّق بين الناس في أخلاقهم وتعاملهم، كما فرّق بينهم في أشكالهم وأرزاقهم، فجعل منهم مفاتيح للخير مغاليق للشر، وجعل آخرين بضدهم، وهو العليمُ الحكيم.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، كما أمر بحسن عبادته، أمر بالإحسان إلى خلقه، وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسولُه، قال للناس يوم الحجِّ الأكبر - فيما قال -: «إلا أن المسلم أخو المسلم، فليس يحلُّ لمسلمٍ من أخيه شيءٌ إلا ما أحلَّ من نفسه ... » (١).

اللهم صلِّ وسلم عليه وعلى سائر الأنبياء والمرسلين.

عباد الله: وأذيةُ الجار لجاره نوعٌ من الأذى المنهيِّ عنه، فللجار المسلم حقُّ الجوار، إضافةً إلى حقِّ إخوة الإسلام، وسواء كان ذلك بإسماعه ما يكره، أو تتبع عوراته، أو إفشاء أسراره، أو تخوينه فيما هو مؤتمنٌ عليه، وبالجملة فـ «لا يدخل الجنةَ من لا يأمن جاره بوائِقَه» رواه مسلم عن أبي هريرة: «ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليحسن إلى جاره ... » رواه أحمد واتفق عليه الشيخان وغيرهم (٢).

ألا واحذروا الأذية للخدم والسائقين، والعمالة المستقدمة والمكفولين، واعلموا أن أذيتكم لهم تحفر في قلوبهم الكره لكم ولدينكم وإن كنتم لا تشعرون، واجعلوا من هؤلاء سفراء لبلادكم ودعاةً إلى الله في بلادهم بحسن تعاملكم وطيب أخلاقكم، ولئن يهدي الله بك رجلًا واحدًا خيرٌ لك من حُمر


(١) صحيح الجامع الصغير: ٦/ ٢٧٩.
(٢) صحيح الجامع: ٥/ ٣٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>