النعم، ومَنْ سنَّ في الإسلام سُنةً حسنةً، فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة، ومن سنَّ سنةً سيئةً فعليها وزرُها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة، ولا تحقرنَّ من المعروف شيئًا ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق.
أيها المسلمون: وإذ عرفنا حُرمة أعراض المسلمين، وليس أقلَّ منه دماؤهم وأموالُهم، وألمحنا إلى أنواع من الأذى - ينبغي للمسلم أن يترفع عنها.
فما موقفُ المؤذي ممن تَعَرَّض له بالأذى؟
لا بد له من الصبر، والصبرُ على ما يصيب المسلمَ من عزم الأمور، ولا بد من احتساب الأجر، والثقة بعدل الله وجزائه إن في الدنيا، أو في الآخرة وهو أعظمُ وأبقى.
ولا بد من الحِلْم مع من يؤذي، وعدم مجاراة الجهول بجهله، وقد قيل:
إذ أنا كافيتُ الجهولَ بفعله فهل أنا إلا مثلُه إذ أحاوره
ولكن إذا ما طاش بالجهل طائشٌ عليَّ فإني بالتحلُّم قاهرُه
وقال آخر:
احفظ لسانك إن لقيتَ مشاتمًا ... لا تجرينَّ مع اللئيم إذا جرى (١)
من يشتري عرض اللئيم بعرضه ... يحوي الندامة حين يقبض ما اشترى
ومن الأمور التي تحسنُ بمن أوذي تجاهُل المؤذي، حتى لا يضيع الوقتُ سدى في الهراش معه، وحتى لا يشيع ذكرُه، وقد يكون تجاهلُه أقصر الطرق لسقوطه ونهايته وأخمل لذكره، وكم هو جميلٌ قولُ القائل:
ولقد أمرُّ على اللئيم يسبُّني ... فمضيت ثَمّةَ قلتُ لا يعنيني
وأجملُ من ذلك ألا يحمل الحقد أو الاشتغال بمعايب من آذاه، بل يدفع عنه