للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الخطبة الثانية]

الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا طاهرًا مباركًا فيه، كما يحب ربنا ويرضى وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله وخيرته من خلقه .. اللهم صل وسلم عليه وعلى إخوانه من الأنبياء.

إخوة الإسلام يبقى بعد ذلك علاج عملي لدفع الطيرة والتشاؤم ألا وهو الفأل الحسن فحين نهى الشارع عن الطيرة والشؤم جعل الفأل البديل والعلاج، والسبب في ذلك أن الطيرة سوءُ ظن بالله تعالى، والفأل حسنُ ظن بالله، والمسلمُ مأمورٌ بحسن الظنِّ بربه، والفأل خلقٌ من أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم تمثله في حياته ودعى الناسَ إليه، وفي الحديث: كان صلى الله عليه وسلم يحب الفأل ويكره الطيرة» (١). والفأل هو الكلمة الحسنة يسمعُها الإنسان ويستبشر بها وكان صلى الله عليه وسلم يعجبه الفأل، ففي الحديث المتفق على صحته عن أنس بن مالك رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا عدوى ولا طيرة، ويعجبني الفأل»، قالوا: وما الفأل: قال: «كلمة طيبة»، وفي لفظ: «الكلمة الحسنة» (٢).

والمتأمل في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم يجد فيها نماذج للفأل، والبعد عن التشاؤم والتطير، وعلى سبيل المثال لا الحصر قال عليه الصلاة والسلام عن جبل أحد «هذا جبلٌ يُحبنا ونحبه» (٣)، ومن المعلوم أن وقعة أحدٍ الشهيرة كانت عند هذا الجبل، وبها أصيب المسلمون كما قال تعالى: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ} (٤)، فقد انجلت المعركة عن


(١) أخرجه ابن ماجه وحسنه ابن حجر في الفتح ١٠/ ٢١٤، ٢١٥.
(٢) انظر: جامع الأصول ٧/ ٦٣١.
(٣) رواه البخاري (الفتح ٧/ ٣٧٧، باب: أحد جبل .. كتاب المغازي).
(٤) سورة آل عمران، آية: ١٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>